ولا يصح عتق رقيق موقوف بحال لتعلق حق من يؤول الوقف به، ولأن الوقف عقد لازم لا يمكن إبطاله، وفي القول بنفوذ عتقه إبطال له وإن كان بعضه غير موقوف فأعتقه مالكه صح فيه ولم يسر إلى البعض الموقوف؛ لأنه إذا لم يعتق بالمباشرة فلان لا يعتق بالسراية أولى غير قن مكاتب وقفه سيده بعد مكاتبته وأدى ما عليه من مال الكتابة.
وقيل: لا يصح وقف المكاتب؛ لأن الوقف يجب أن يكون مستقرًا والوقف فيه غير مستقر، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ويملك الموقوف عليه الوقف إذا كان الموقوف عليه آدميًا معينًا أو جمعًا محصورًا؛ لأنه سبب يزيل التصرف في الرقبة فملكه المنتقل إليه كالهبة وفارق العتق من حيث أنه أخرج عن حكم المالية، ولأنه لو كان تمليكًا للمنفعة المجردة لم يلزم كالعارية والسكنى، وقيل: لا يملكه، بل ينتقل إلى الله ويكون ملكًا لله؛ لأنه حبس عين وتسبيل منفعة على وجه القربة، فأزال الملك إلى الله تعالى كالعتق، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وإن قطع عضوًا من أعضاء موقوف كيده ونحوها عمدًا فللقن الموقوف القود؛ لأنه حقه لا يشرك فيه أحد وإن عفى الرقيق الموقوف عن الجناية عليه أو كان القطع أو الجرح لا يوجب قودًا؛ لعدم المكافأة أو كونه خطأ أو جائفة ونحوه فأرشه يصرف في مثل المجني عليه إن أمكن وإلا اشترى به شقص من مثله؛ لأنه بدل عن بعض الوقف، فوجب أن يرد في مثله.
قال الحارثي: اعتبار المثلية في البدل المشتري بمعنى وجوب الذكر في الذكر والأنثى بالأنثى والكبير بالكبير وسائر الأوصاف التي تتفاوت