والقول الثاني: وهو أنه يدخل ولو لم يقل الواقف ومن يولد لي وهو الذي تطمئن إليه النفس، والعرف الجاري بين الناس يؤيده أن الواقف لا يقصد حرمان ولده المتجدد، بل هو عليه أشفق لصغره وحاجته، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ويدخل في الوقف على ولده أو أولاده أو ولد غيره أو أولاده ولد بنيه الموجودين تبعًا سواء وجدوا حالة وقف أو لا كوصية لولد فلان فيدخل فيه أولاده الموجودون حال الوصية وأولاد بنيه وجدوا حال الوصية أو بعدها قبل موت الموصى لا من وجد بعد موته ما لم تكن قرينة تصرفه عن ذلك.
وأما ولد البنات، فقيل: لا يدخلون في الوقف؛ لأنهم لا ينسبون إليه، بل إلى آبائهم، قال الله تعالى:{ادْعُوَهُمْ لآبَائِهِمْ} قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: ما تقول في رجل وقف ضيعة على ولده، فمات الأولاد وتركوا النسوة حوامل، فقال: كل ما كان من أولاد الذكور بنات كن أو بنين فالضيعة موقوفة عليهم، وما ك ن أولاد البنات فليس لهم فيه شيء؛ لأنهم من رجل آخر، ووجه ذلك قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} دخل فيه ولد البنين وإن سفلوا، ولما قال تعالى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ} تناول ولد البنين.
فالمطلق من كلام الآدمي إذا خلا عن قرينة ينبغي أن يحم لعلى المطلق من كلام الله تعالى ويفسر بما يفسر به، ولأن ولد الولد ولد بدليل قوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ}، و {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا»، وقالوا: نحن بنو النظير بنو كنانة، والقبائل تنسب إلى جدودها، ولأنه لو وقف على ولد فلان وهم قبيلة، دخل فيه ولد البنين فكذلك إذا لم يكونوا قبيلة، وإنما يسمى ولد الولد ولدًا مجازًا، ولهذا يصح نفيه،