للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جابر أيضًا: «أن رجلاً من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخيل حياتها فماتت، فجاء أخوته، فقالوا له: نحن فيه شرع سواء، قال: فأبى، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقسمها بينهم ميراثًا» رواه أحمد.

ولا ترجع العين إلى واهب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئًا، أو أعمره فهو لورثته» قال الحارثي: والسند صحيح لا إشكال، فهذه النصوص تدل على ملك المعمر والمرقب مع بطلان شرط العود؛ لأنه إذا ملك العين لم تنتقل عنه بالشرط، ولأنه ينافي مقتضى العقد، فصح العقد، وبطل الشرط، كشرطه في البيع أن لا يبيع، ولو جعل اثنان كل منهما داره للآخر، على أنه أن مات قبله عادت إليه، فرقبى من الجانبين.

وإن قال أحد شركين في قن مشترك بينهما: أنت حبيس على آخرنا موتاكم يعتق بموت الأول منهما، ويكون في يد الآخر عارية، فإذا مات عتق، ولا يصح أعمار المنفعة، ولا إرقابها، فلو قال رب بيت لآخر: منحتكه عمرك، فعارية.

قال في «القاموس»: منحة الناقة، جعل له وبرها ودرها وولدها، وهي المنحة والمنيحة، أو قال: منحتك غلة الدار أو البستان، أو قال رب بستان: منحتك ثمرته، أو قال رب عبد: منحتك خدمته لك عمرك، فعارية وإباحة تلزم في قدر ما قبضه من غلته قبل رجوع المانع.

وللمانح الرجوع في منحته متى شاء في حياة الممنوح وبعد موته؛ لأنه هبة منفعة، ويصح أعمار منقول وإرقابه من حيوان كعبد، وجارية وبعير وشاة وغير حيوان، كثوب وكتاب؛ لعموم ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن أرقب شيئًا أو أعمره فهو لورثته».

<<  <  ج: ص:  >  >>