قال أهل التفسير: إذا رأى المريض يجنف على ولده أن يقول: اتق الله ولا توص بما لك كله. اهـ. قلت: ومثله لو رأى من يحرم أولاد البنات؛ لأنه جور في الوصية، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الجور.
ومن السُّنة ما روى سعد بن أبي الوقاص، قال: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي، قال:«لا»، قلت: فالثلث، قال:«الثلث، والثلث كثير -أو كبير- إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» رواه الجماعة.
وفي رواية أكثرهم جاءني يعودني في حجة الوداع، وفي لفظ: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضي، فقال:«أوصيت؟»، قلت: نعم، قال:«بكم»، قلت: بمالي كله في سبيل الله، قال:«فما تركت لولدك؟» قلت: هم أغنياء، قال:«أوص بالعشر».
فما زال يقول وأقول، حتى قال:«أوص بالثلث، والثلث كثير أو كبير» رواه النسائي وأحمد بمعناه، إلا أنه قال: قلت: نعم، جعلت مالي كله في الفقراء والمساكين وابن السبيل، وهو دليل على نسخ وجوب الوصية للأقربين.
والوصية على عدة أقسام: قسم تجب، وذلك لمن عليه دين أو عنده وديعة، أو عليه واجب يوصي بالخروج منه، فإن الله - سبحانه وتعالى - فرض أداء الأمانات، وطريقه في هذا الباب الوصية فتكون مفروضة عليه وتقدم قريبًا في حديث ابن عمر.
وقسم مختلف فيه: وهو الوصية للوارث إذا أجازها الورثة، فقيل: باطلة وإن أجازها الورثة، إلا أن يعطوه عطية مبتدأة؛ لحديث شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة قال: سمعت