للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قال: أعطوه مائة من أحد كيسي فلم يوجد فيهما شيء، استحق مائة، اعتبارًا للمقصود، وهو أصل الوصية، لا صفتها بخلاف، ما لو وصى له بعبد من عبيده، ولا عبد له فتبطل.

وإن وصى له بقوس، وللموصي أقواس، قوس لرمي بنشاب أو نل، وقوس لرمي بندق، وقوس ندف، فللموصي له قوس النشاب؛ لأنها أظهرها، إلا مع صرف قرينة إلى غيرها، كان يكون ندافًا لإعادة له بالرمي، أو كان عادته رمي الطيور بالبندق؛ لأن ظاهر حال الموصى، أنه قصد نفعه بما جرت عادته بالانتفاع به.

وإن لم يكن له إلا قوس واحد من هذه الأقواس، تعينت الوصية فيها، وإن كان له أقواس نشاب، أعطاه الورثة ما شاءوا منها، كالوصية بعبد من عبيده، ولا يدخل في الوصية بقوس وترها؛ لأن الاسم يقع عليها دونه.

ولو وصى بدفن كتب العلم لم تدفن؛ لان العلم مطلوب نشره ودفنه مناف لذلك.

ولا يدخل في كتب العلم، إن وصى بها لشخص، كتب الكلام؛ لأنه ليس من العلم.

قال في «الفروع»: قال ابن الجوزي: أما من عنده أو حكاية عن الشافعي - رحمه الله تعالى - ولم يخالفه، لو أن رجلاً أوصى بكتبه من العلم لآخر، وكان فيها كتب الكلام، لم تدخل في الوصية؛ لأن الكلام ليس من العلم. اهـ.

وقال الإمام أحمد - رحمه الله - في رواية أبي الحارث: الكلام رديء لا يدعو إلى خير، لا يفلح صاحب الكلام، تجنبوا أصحاب الجدال والكلام، وعليك بالسنن، وما كان عليه أهل العلم؛ فإنهم كانوا يكرهون الكلام، وعنه لا يفلح صاحب كلام أبدًا، ولا ترى أحدًا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل.

<<  <  ج: ص:  >  >>