للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج: إن لم يكن أخذها استتيب ثلاثة أيام وجوبًا؛ لأن الزكاة أحد مباني الإسلام فيستتاب تاركها كالصلاة؛ فإن تاب وأخرج كف عنه وإن لم يخرج قتل لاتفاق الصحابة على قتال مانعها وإذا قتل؛ فإنه يُقتل حَدًا لا كفرًا؛ لقول عبد الله بن شقيق: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفرًا إلا الصلاة» رواه الترمذي، وما ورد من التكفير فيه محمول على جاحد الوجوب أو على التليظ، وإذا قتل أخذت الزكاة من تركته من غير زيادة؛ لأن القتل لا يسقط حق الآدمي فكذا الزكاة، وإن لم يكن أخذ الزكاة من مانعها إلا بقتال وجب على الإمام قاله إن وضعها مواضعها لاتفاق الصحابة مع الصديق على قتال مانعي الزكاة، وقال: «والله لو منعوني عناقًا»، وفي لفظ: «عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليها» متفق عليه؛ فإن لم يضعها مواضعها لم يقاتله لإحتمال منعه إياها لاعتقاده ذلك عذرًا، وما إذا قاتل مانع الزكاة تهاونًا وبخلاً، ففي المسألة ثلاثة أقوال الصحيح في المذهب أنه لا يكفر وهو رواية عن الإمام أحمد وعنه يكفر وإن لم يقاتل عليها، وأدلة القول الأول منها حديث ابن شقيق، وتقدم ولأن عمر وغيره امتنعوا ابتداء من قتال مانعي الزكاة ولو اعتقد اكفوهم ما امتنعوا منه، ثم اتفقوا على القتال فيبقى عدم التكفير على اعتقادهم الأول، وما روى الصديِّق - رضي الله عنه - لما قاتل مانعي الزكاة وعضتهم الحرب، قالوا: نؤديها، قال: لا أقبل حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، يحتمل أنه فيمن منعها جحودًا ولحق بأهل الردة منهم فقد كان فيهم طائفة كذلك على أنه لا يلزم من الحكم بالنار الحكم بالكفر بدليل العصاة من هذه الأمة، وفرّق القاضي بين الصلاة وغيرها من العبادات بتعذر النيابة فيها، والمقصود الأعظم دفع حاجة الفقير وهو حاصل بأدائها مع القتال. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>