للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة، فقيل: يحرم مع وجود مستحق سواءٌ كان لرحم أو شدة حاجة؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن فذكر الحديث، وفيه: «أن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وعن أبي جحيفة قال: قدم علينا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا فكنت غلامًا يتيمًا فأعطاني منها قلوصًا. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

وعن عمران بن حصين أنه استعمل على الصدقة فلما رجع، قيل له: أين المال؟ قال: ولمال أرسلتني، أخذنا من حيثُ كنَّا نأخذه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعناه من حيث كنا نضعه. رواه أبو داود وابن ماجه.

وعن طاووس قال: كان في كتاب معاذ: من خرج من مخلاف إلى مخلاف؛ فإن صدقته وعشرة في مخلاف عشيرته. رواه الأثرم في «سننه».

وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه رد زكاة أُتي بها من خراسان إلى الشام إلى خراسان؛ فإن خالف وفعل بأن نقل الزكاة إلى بلد تقصر فيه الصلاة أجزأ المنقول للعمومات؛ ولأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرئ كالدين، وقيل: تنفل لمصلحة راجحة كقريب محتاج ونحوه لما علم بالضرورة من «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستدعي الصدقات من الأعراق إلى المدينة ويصرفها في فقراء المهاجرين والأنصار» أخرجه النسائي من حديث عبد الله بن هلال الثقفي، قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كدت أقتل بعدك في عناق أو شاة من الصدقات، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «لولا أنها تعطي فقراء المهاجرين ما أخذتها».

وروي عن الحسن والنخعي أنها كرهًا نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا لذي قَرَابة، وكان أبو العالية يبعث بزكاته إلى المدينة، واختار هذا القول الشيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>