للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعطي أجرته من بيت المال؛ لأن للإمام رزقه على عمله من بيت المال ويوفر الزكاة على أهلها؛ فإذا تلفت تعين حقه في بيت المال ولا ضمان على عامل لم يفرط؛ لأنه أمين وله الأخذ ولو تطوع بعمله؛ لقصة عمر - رضي الله عنه - وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر له بعمالة، فقال: إنما عملت لله، فقال: «إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكلْ وتصدَّق» متفق عليه. وشرط كون عامل مكلفًا مسلمًا أمينًا كافيًا من غير ذوي القربى؛ أما كونه مكلفًا فلعدم أهلية الصغير والمجنون للقبض؛ ولأنها ولاية وغير المكلف مولى عليه؛ وأما كونه مسلمًا فلأنها ولاية على المسلمين فاشترط فيها الإسلام كسائر الولايات؛ ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} ولأن الكافر ليس بأمين؛ ولهذا قال عمر: لا تأمنوهم وقد خوَّنهم الله وأنكر على أبي موسى تولية الكتابة نصرانيًا فالزكاة التي هي ركن الإسلام أولى؛ وأما كونه أمينًا كِافيًا فلأن غيره يذهب بمال الزكاة ويضيعه؛ ولأنها ضرب من الولاية والولاية يشترط فيها ذلك؛ وأما كونه من غير ذوي القربى فلما ورد عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أنه والفضل بن عباس انطلقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ثم تكلم أحدنا، فقال: يا رسول الله، لِتُؤمِّرَنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة وتؤدي إليك ما يؤدي الناس، فقال: «إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد إنما هي أوساخ الناس» مختصر لأحمد ومسلم، وهو نصّ في التحريم لا تجوز مخالفته، قال في «الشرح الكبير»: ويشترط كونه من غير ذوي القربى إلا أن تدفع إليه أجرته من غير الزكاة، وقال أصحابنا: لا يشترط لأنها أجرة على عمل تجوز للغني، فجازت لذوي القربى كأجرة النقَّال، وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي؛ وأما أنه لا يشترط فقر، فلخبر أبي سعيد مرفوعًا: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين يتصدَّق عليه منها فأهدى منهما لغني» رواه أبو داود وابن ماجه؛ وأما أنه لا يشترط حريته؛ فلحديث أنس مرفوعًا: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>