للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبخاري في «تاريخه» عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالإثمد المتروح، وقال: ليتقه الصائم، وقيل: إن هذه لا تفطر؛ لأنه لم يرد فيها دليل صحيح ولا هي في معنى الأكل والشرب، قال في «مجموع الفتاوى» (ج ٢٥): وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليه ومداواة المأمومة والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك؛ فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى مَعرِفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور ممَّا حَرّمَها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلَّغُوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلاً علم أن لم يذكر شيئًا من ذلك، والحديث المروى في الكحل ضعيف، رواه أبو داود في «السنن» ولم يروه غيره، ولا هو في «مسند أحمد» ولا سائر الكتب المعتمدة، والذين قالوا: إن هذه الأمور تفطر كالحقنة ومداواة المأمومة والجائفة لم يكن معهم حجة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس وأقوى ما احتجوا به قوله: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» قالوا: فدل ذلك على أن ما وَصلَ إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله وعلى القياس كل ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة وغيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام والغذاء أو غيره من حشو جوفه وإذا كان عمدتهم هذه الأقيسة ونحوها لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة. انتهى باختصار. وأما الإبرة: فهي تنقسم إلى قسمين: إبرة دوائية، وإبرة غذائية، فإيصال الأغذية بالإبرة حَقْنًا في الدم أو شربًا أو إيصالها إلى الجوف بأي طريق فلا شك في فطره بها؛ لأنه في معنى الأكل والشرب من غير فرق؛ وأما إيصال الدواء بالإبرة، فعلى القول الأول: يفطر، وعلى ما اختاره الشيخ تقي الدين، فالذي يظهر لي أنها لا تفطر والذي تطمئن إليه النفس تجنبها؛ وأما الحبوب: فلا شك أنها تفطر الدوائية والمقوية والمشتركة بين الغذاء والدواء، وقال بعض المنتسبين للعلم من متعاطي كتب الطب للمطالعة بها والاسترشاد من حسنها، الإبر قسمان: قسم يؤخذ كغذاء

<<  <  ج: ص:  >  >>