للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر مما فعله من ترك الجماع فأشبه المكره، وقال في «شرح أصول الأحكام»، وقال ابن القيم: مَن طلع عليه الفجر وهو مجامع، فالواجب عليه النزع عينًا، ويحرم عليه استدامة الجماع والليث ولا شيء عليه، اختاره شيخنا وهو الصواب، والحكم في حقه وجوب النزع والمفسدة في حركة النزع مفسدة مغمورة في مصلحة إقلاعه ونزعه، وأن استدام فعليه القضاء والكفارة وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم؛ لأنه جماع في شهر رمضان باختيار فلا فرق بين ابتدائه ودوامه، ولو أراد أن يأكل أو يشرب مَن وجب عليه الصوم وجب على مَن رآه إعلامُه؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يفطر إن فعل شيئًا ناسيًا أو مكروهًا، وبه قال عليّ وابن عمر؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مضن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه» متفق عليه. وللحام: «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة»؛ ولقوله: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، ومن أفطر يظن أن الشمس قد غربت ولم يتبين له أنها لم تغرب لم يفسد صومه، فلا قضاء؛ لأنه لم يوجد يقين يزيل ذلك الظن كما لو صلى بالاجتهاد ثم شك في الإصابة بعد الصلاة، ومن طار إلى حلقه ذباب أو غبار من غير قصد لم يفطر، وكذا من قطّر في إحليله لا يفطر لعدم المنفذ، وإذا احتلم وهو صائم أو أنزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المنيُّ أو المذي لمرض لم يفطر، وإنما تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء فلم يبطل صومه؛ لأنه وصل بغير اختياره أشبه الذباب الداخل حلقه؛ فأما إذا زاد على ثلاث أو الغ فدخل الماء حلقه فعلى وجهين: أحدهما: لا يفطر؛ لأنه وصل من غير قصد، والثاني: يفطر؛ لأن فعل مكروهًا تعرض به إلى إيصال الماء إلى حلقه أشبه الإنزال بالمباشرة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المبالغة فلو لم يكن وصول الماء في المبالغة يبطل الصوم لم يكن للنهي عن المبالغة معنى؛ وأما إذا كرر النظر فأنزل، فقيل: إنه يفطر وبه قال عطاء والحسن ومالك؛ لأنه إنزال بفعل يتلذذ به يمكن التحرز منه أشبه الإنزال باللمس والفكر لا يمكن التحرز

<<  <  ج: ص:  >  >>