للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي فكل هذه يجب اجتنابها في كل وقت؛ لعموم الأدلة ووجوب اجتناب ذلك في رمضان، ومكان فاضل كالحرمين آكد؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامهُ وشرابهُ» رواه البخاري، ومعناه: الزجر والتحذير؛ ولأن الحسنات تتضاعف بالمكان والزمان الفاضلين وكذا السيئات، وقد استثنى من الكذب والغيبة أمور؛ فأما الكذب، فقال النووي -رحمه الله-: أعلم أن الكذب وإن كان وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحيله إلا بالكذب جاز به الكذب، ثم إن كان تحيل ذلك المقصود مباحًا كان الكذب مباحًا، وإن كان واجبًا كان الكذب واجبًا؛ فإذا اختفى مسلم عن ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله، وسُئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة، وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية: أن يقصد بعبارته مقصودًا صحيحًا ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب ولو ترك التورية وأطلق عِبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال، واستدل العلماء بجواز الكذب في هذا الحال بحديث أم كلثوم - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا» متفق عليه، زاد مسلم في رواية: قالت أم كلثوم، ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. انتهى.

وقد استثنى العُلماء من الغيبة أمور ستة: الأول: التظلم فيجوز أن يقول المظلوم فلان ظلمني وأخذ مالي؛ ولكن إذا كان ذكره لذلك شكاية على من له قدرة على إزالتها أو تخفيفها ودليله قول هند عند شكايتها له صلى الله عليه وسلم من أبي سفيان أنه رجل شحيح. الثاني: الاستعانة

على تغيير المنكر بذكره لمن يطن قدرته على إزالته. الثالث: التحذير للمسلمين من الاغترار كجرح الرواة والشهود. الرابع: التحذير ممن

<<  <  ج: ص:  >  >>