للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى طلعت الشمس، فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى، فأقام بنمرة إلى الزوال فيخطب بها الإمام أو نائبه خطبة قصيرة مفتتحة بالتكبير يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة؛ لحديث جابر: «إذا جاء عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرَحِلتْ له فأتى بطن الوادي، فخطب الناس ثم يجمع من يجوز له الجمع لمن بعرفة من مكيّ وغيره» قاله في الشرح.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذلك كل من صلى مع الإمام، وذكر أصحابنا أنه لا يجوز الجمع إلا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخًا إلحاقًا له بالقصر والصحيح الأول؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع معه من حضر من المكيين وغيرهم فلم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال: «أتموا، فإنا سفر» ولو حرم لبينه لهم؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يقرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخطأ، وقد كان عثمان - رضي الله عنه - يتم الصلاة؛ لأنه اتخذ أهلاً ولم يترك الجمع، وروى نحو ذلك عن ابن الزبير وكان عمر بن عبد العزيز والي مكة، فخرج فجمع بين الصلاتين، ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين الخلاف في الجمع بعرفة ومزدلفة، بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره، والحق فيما أجمعوا عليه فلا يعرِّج على غيره؛ فأما قصر الصلاة فلا يجوز لأهل مكة، وبه قال عطاء ومجاهد والزهري وابن جريج والثوري ويحيى القطان والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال القاسم بن محمد سالم، ومالك والأوزاعي لهم القصر؛ لأن لم الجمع فكان لهم القصر كغيرهم، وفي «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» في (٢٦/ ١٢٩): ويسيرون منها إلى نمرة على طريق ضب من يمين الطريق ونمرة كانت قرية خارجة من عرفات من جهة اليمين فيقيمون بها إلى الزوال، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يسيرون منها إلى بطن الوادي وهو موضع النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي صلى فيه الظهر والعصر وخطب وهو في حدود عرفة ببطن

<<  <  ج: ص:  >  >>