للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف» رواه ابن ماجه، ولضيق المكان، وله رمي جمرة العقبة من فوقها لفعل عمر لما رأى من الزحام عندها.

ويقطع التلبية بأول الرمي؛ لحديث ابن عباس أن أسامة كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، وكلاهما قال: «لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة»، وفي بعض ألفاظه: حتى رمى جمرة العقبة قطع عند أول حصاة، رواه حنبل في «المناسك».

ثم ينحر هديًا معه واجبًا كان أو تطوعًا؛ لقول جابر: «ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه»؛ فإن لم يكن معه هدي وعليه واجب اشتراه، وإذا نحرها فرقها لمساكين الحرم أو أطلقها لهم.

ثم يحلق؛ لقوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} وسّنَّ اسِتقبالُ محلوِق رأسه للقبلة كسائر المناسك، وسن بداءة بشقه الأيمن؛ لما ورد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر نسكه، ثم دعا بالحلاق وناوله الخالق شقه الأيمن، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناول الشق الأيسر، فقال: «احلق»، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسمه بين الناس». متفق عليه. وكان - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيامن في شأنه كله.

ويُسن أن يبلغ بالحلق العظم الذي عند مقطع الصدغ من الوجه؛ لأن ابن عمر كان يقول للحالق: أبلغ العظمين، أفصل الرأس من اللحية، وكان عطاء يقول: من السُّنة إذا حلق أن يبلغ العظمين، قال جماعة: ويدعو، قال الموفق وغيره: ويكبر وقت الحلق؛ لأنه نسك، وإن قصَّر فمن جميع شعر رأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>