فإذا أتينا المسجد النبوي … صَلّيْنا التحية أولاً ثِنتان
بتمام أركان لها وخشوعها … وحضور قلب فعل ذي إحسان
ثم الثنينا للزيارة نقصد القبر … الشريف ولو على الأجفان
فتقوم دون القبر وقفة خاضع … متذلل في السرَّ والإعلان
فكأنه في القبر حي ناطق … فالواقفون نواكس الأذقان
ملكتهُمو تلك المهابة فاعترت … تلك القوائم كثرة الرجفان
وتفجّرت تلك العيون بمائها … ولطالمَا غاضت على الأزمان
وأتى المسلم بالسلام بهَيْبةٍ … ووقار ذي علم وذي إيمان
لم يرفع الأصوات حول ضريحه … كلا ولم يسجد على الأذقان
كلا ولم ير طائفًا بالقبر … أسبوعًا كأن القبر بيتٌ ثان
ثم أنثنى بدعائه متوجهًا … لله نحو البيت والأركان
هذه زيارة من غدا متمسكًا … بشريعة الإسلام والإيمان
ثم يتقدم قليلاً فيسلم على أبي بكر، ثم يتقدم فيسلم على عمر - رضي الله عنهما -، وقد روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يقول: السلام عليك يا أبتاه، وهذه الزيارة تشرع للرجال خاصة، أما النساء فلا؛ لما ورد عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن زّورات القبور» أخرجه الترمذي؛ وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والدعاء فيه ونحوه مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع، ويحرم الطواف بالحجرة النبوية، ولا يجوز لأحد أن يتمسح بها أو يقبلها.
قال الشيخ تقي الدين: اتفقوا على أنه لا يقبّله ولا يتمسح به؛ فإنه من الشرك وكذا مسَّ القبر أو حائطه ولصق صدره به وتقبيله، وليست زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بواجبة ولا شرطًا في الحج، كما يظنه بعض الجهال، بل هي مسنونة في حق من زار مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كان قريبًا