للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم في الهدي: فإن قيل عقه عن الحسن والحسين، يكفي كبش، يدل على أن هديه أن على الرأس رأسًا. قالوا: ولأنه نسك، فكان على الرأس مثله كالأضحية، ودم التمتع، فالجواب: أن أحاديث الشاتين من الذكر، والشاة من الأنثى، أولى أن يؤخذ بها لوجوه:

أحدها: كثرتها. ثانيًا: أنها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحاديث الشاتين من قوله، وقوله عام، وفعله يحتمل الاختصاص.

الثالث: أنها متضمنة لزيادة؛ فكان الأخذ بها أولى.

الرابع: أن الفعل يدل على الجواز؛ وللقول يدل على الاستحباب، والأخذ بهما ممكن فلا وجه لتعطيل أحدهما.

الخامس: أن قصة الذبح عن الحسن والحسين، كانت عام أُحد، والعام الذي بعده، وأم كرز سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما روته عام الحديبية، سنة ست بعد الذبح، عن الحسن والحسين، قاله النسائي في كتابه الكبير.

السادس: أن قصة الحسن والحسين، يحتمل أن يراد بها بيان جنس المذبوح، وأنه من الكباش لا في تخصيصه بالواحد، كما قالت عائشة: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بقرة، وكن تسعًا؛ ومرادها الجنس لا التخصيص بالواحدة.

السابع: أن الله سبحانه فضل الذكر على الأنثى، كما قال: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [٣٦:٣] ومقتضى التفاصيل ترجيحه عليها في الأحكام، وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل، في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة، والميراث والدية، فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام.

الثامن: أن العقيقة تشبه العتق عن المولود؛ فإنه رهين بعقيقته، فالعقيقة تفكه وتعتقه، وكان الأولى أن يعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، كما أن عتق الأنثين يقوم مقام عتق الذكر، كما في «جامع الترمذي» وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>