للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أسماء الفراعنة، والجبابرة كفرعون وقارون وهامان والوليد، قال عبد الرزاق في «الجامع»: أخبرنا معمر عن الزهري، قال: أراد رجل أن يسمي ابنًا له الوليد، فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: «أنه سيكون رجل يقال له الوليد، يعمل في أمتي بعمل فرعون في قومه»، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشتد عليه الاسم القبيح، ويكرهه من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال، حتى إنه مر في مسير له بين جبلين، فقال: ما اسمهما؟ فقيل: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يمر بينهما! وكان -عليه السلام- شديد الاعتناء بذلك.

ومن تأمل السُّنة، وجد معاني الأسماء مرتبطًا بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها، وكأن الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله -عليه الصلاة والسلام-: «أسلم سلمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله»، وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح: «سهل أمركم»، وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه، فقال: «بريد»، قال: «يا أبا بكر، برد أمرنا»، ثم قال: «ممن أنت؟» قال: من أسلم، فقال لأبي بكر: «سلمنا»، ثم قال: «ممن؟» قال: من سهم، قال: «خرج سهمك»، ذكره أبو عمر في استذكاره حتى أنه كان يعتبر ذلك في التأويل، فقال: رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب بن طاب، فأولت العاقبة لنا في الدنيا والرفعة لنا، وأن ديننا قد طاب.

وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها، فتأمل حديث بن المسيب عن أبيه، عن جده، قال: أتيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما اسمك؟» قلت: حزن، فقال: «أنت سهل»، فقال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد. رواه البخاري في «صحيحه». والحزونة: الغلظة، ومنه أرض حزونة وأرض سهلة.

وتأمل ما رواه مالك في «الموطأ»: عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: أبن من؟ قال: ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>