للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك من أقاليم جزيرة العرب، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجًا، شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب، وأولى الناس بالدعوة إلى الإسلام؛ لأنهم أهل كتاب فبلغ تبوك ثم رجع لأجل جهد الناس، وجدب البلاد وضيق الحال، وذلك سنة ٩ من هجرته -عليه السلام-.

ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجة الوداع، ثم عاجلته المنية -صلوات الله وسلامه عليه- بعد حجته بأحد وثمانين يومًا، فاختاره الله لما عنده.

وقام بالأمر بعده، وزيره وصديقه وخليفته أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إلى أن قال: ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفرس عبدة النيران، ففتح الله ببركة سفارته البلاد، وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد، وأنفق كنوزهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده، وولي عهده الفاروق الأواب شهيد المحراب عمر بن الخطاب؛ فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين، وقمع الطغاة والمنافقين، واستلوى على الممالك شرقًا وغربًا.

ثم لما مات شهيدًا، وقد عاش حميدًا أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان شهيد الدار، فكسا الإسلام حلة رياسة سابغة، وأمدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة الله البالغة، فظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وعلت كلمة الله وظهر دينه، وبلغت الملة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها؛ وكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم، ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار امتثالاً؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ}، وقوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} إلى أن قال:.

<<  <  ج: ص:  >  >>