قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال:«ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا على الأسرة، أو مثل ملوك على الأسرة» -شك أيهما قال-، قالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال:«ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله -كما قال في الأولى-» قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال:«أنت من الأولين» فركبت أم حرام البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت. أخرجه البخاري ومسلم.
قال في «شرح صحيح البخاري»: كان عمر - رضي الله عنه - قد منع المسلمين من الغزوة في البحر شفقة عليهم، واستأذنه معاوية في ذلك، فلم يأذن له، فلما ولي عثمان - رضي الله عنه - استأذنه فأذن له، وقال: لا تكره أحدًا من غزاه طائعًا فاحمله. فسار في جماعة من الصحابة منهم: أبو ذر وعبادة بن الصامت، ومعه زوجته أم حرام بنت ملحان، وشداد بن أوس وأبو الدرداء في آخرين، وهو أول من غزا الجزائر في البحر؛ ولما أراد الخروج منها قدمت لأم حرام بغلة لتركبها، فسقطت عنها فماتت هنالك. انتهى من «عمدة القاري» باختصار.
وقد وردت أحاديث تفيد إثم تارك الجهاد مؤيدة ما سبق، منها ما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» رواه أبو داود، وغيره من طريق إسحاق بن أسيد نزيل مصر، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يغزوا، ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من النفاق» رواه أبو داود والنسائي.
وعن أبي أُمامة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يغز