للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين، حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج من شريعة الإسلام، وأمثال هذه الأمور، قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} فإذا كان بعض الدين لله، وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله. اهـ.

وقال -رحمه الله- في «الصارم المسلول على شاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -» (ص ٢١٩): وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ}، {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}، {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} ونحوها في القرآن مما أمر الله به المؤمنين بالعفو والصفح عن المشركين؛ فإنه نسخ ذلك كله قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ}، وقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ}، فنسخ هذا عفوه عن المشركين، وكذا روى الإمام أحمد وغيره عن قتادة قال: أمر الله نبيه أن يعفو عنهم ويصفح، حتى يأتي الله بأمره وقضائه.

ثم أنزل الله عز وجل براءة فأتى الله بأمره وقضائه، فقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية. قال: فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، وأمر الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقروا بالجزية صغارًا ونقمة لهم.

وكذلك ذكر موسى بن عقبة عن الزهري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقاتل من كف عن قتاله كقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} إلى أن نزلت براءة، وجملة ذلك أنه لما نزلت براءة أمر أن يبتدئ جميع الكفار بالقتال، وثنيهم وكتابيهم، سواء كفوا أو لم يكفوا، وأن ينبذ إليهم تلك العهود المطلقة التي كانت بينه وبينهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>