للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يبدوا بالقتال من أبى الإسلام من الكفار والمشركين بعد دعوتهم إلى الخضوع له والدخول فيه حيث كانوا، وفرض على الأمة أن تهاجمهم وتبدأهم به كل وقت سوى الأشهر الحرم.

قال: وقد ذكر الله ما قلنا مصوبًا له عن سليمان -عليه السلام- مع ملكة سبأ بادئًا بالدعوة إلى الإسلام، ومهددًا لها بالإخراج والقتل إذا لم تذعن للحق والدخول تحت سلطانه، كما ذكره عن غيره من إخوانه، كما يدل على خطأ وضعف استدلال من يمنع بدء المسلمين قتال الكفار ما لم يبدؤنا به بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} لدخولهم في الذين أمرنا بقتالهم، إذ ليس فيها المنع من قتالهم ولا النهي عن بدئهم به؛ لأن النهي عن الاعتداء نهي عن ظلم كل من خضع للإسلام، سواء دان به واتبعه كالذمي.

وليس بدء أهل الكفر بالقتال بعد إبائهم عن الإذعان والدخول تحت سلطان الإسلام اعتداء عليهم وظلمًا، بل ذلك لمصلحتهم كالسفيه، ولحق الإسلام كقتل مانع الزكاة، والمرتد عن الدين؛ ولأنه لمنعهم عن الظلم والعدوان يدل على هذا قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وبدءهم المشركين والفرس والروم، بعد رفض رؤساهم كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير اعتداء منهم على أحد من المسلمين، ولا منع داعي إلى الإسلام.

ولكنها مكيدة أفرنجية، ونزعة أوربية أُريد بها تأخير المسلمين وموتهم على ما هم فيه من الضعف، وما علاهم من ذل الاستعباد.

ثم ساق الأدلة الواضحة، وقال بعدها هذه الجملة: من آي الذكر تدل على أن الله أوجب على المسلمين أن يبدأوا الكفار والمشركين بالقتال، أنى كانوا وحيثما وجدوا، ولا يكفوا عن قتلهم وقتالهم ما لم يدخلوا في الإسلام، ويعطوا الجزية التي يفرضها عليهم سواء اعتدوا على المسلمين وصدوا عن الإسلام، أم أذعنوا للداعين إليه في بلادهم معرضين عن قبوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>