للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ساق حديث جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي» أخرجه مسلم. وفي رواية لمسلم أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «إنما مثلي ومثل أمتي» إلخ. هذا الحديث عام؛ ولكنه يتناول الكفار تناولاً أوليًا؛ لأنهم أقرب إلى هذه الصفة، وهم من أمة الدعوة لا من أمة الإجابة، وخصوصًا على رواية: «إنما مثلي ومثل أمتي»، قال: ولم يزل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه يقاتلون الكفار حيث ما كانوا، إلى أن أسلم من في جزيرة العرب؛ إلا يسيرًا منهم، طوعًا أو كرهًا. ولقي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ربه سبحانه وتعالى، وهو قرير عين.

ثم قام أصحابه الكرام الأسد الظماء بسنته - صلى الله عليه وسلم -، فجاهدوا وفتحوا العراق والشام ومصر والروم قهرًا لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى؛ وهذا الذي يعلمه علماء المسلمين من سُّنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ويتمنونه.

وأما في رأي إخواننا المدافعين، لم يشرع الله جهاد الكفار لإكراههم في الدين أو أخذ الجزية منهم، وما كان قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للكفار إلا دفاعًا في زعمهم، فلم يصدقوا فيما زعموا، وزادوا المسلمين بزعمهم هذا ثبوطًا مع ثبوطهم، وصوبوا لهم ما هم فيه، ولعل أن يغتر بهم بعض الناس، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن العجائب أن نسمع من هذا الفريق من يقول: الجهاد، فلا أدري ما معنى الجهاد عندهم؛ فإن كان الجهاد هو غزو الكفار بالمال والنفس لإعلاء كلمة الله، كما هو عرف الشرع، وما يعرفه المسلمون، فقد أنكروه وخطئوا فاعله من حيث رسول الله لم يفعله بزعمهم الخاطئ إنما قاتل دفاعًا، وإن كان على عرفهم أن الجهاد هو دفع العدو عن النفس والوطن، فهو شيء طبيعي

<<  <  ج: ص:  >  >>