للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف إلى بقيع الغرقد. رواه أحمد، وشيع أحمد أمه للحج.

وأما تلقي الغازي، فقيل: لا يستحب لما تقدم؛ ولأنه تهنئته بالسلامة من الشهادة، وفيه وجه كالحاج؛ لحديث السائب بن يزيد، قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك، خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع، قال السائب: فخرجت مع الناس وأنا غلام. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وللبخاري نحوه.

ويغزي مع كل أمير بر وفاجر يحفظان المسلمين، وقد روى أبو داود بإسناده، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا» وبإسناده عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، والإيمان بالأقدار».

وفي الصحيح: «أن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر؛ ولأن ترك الجهاد مع الفاجر يفضي إلى قطع الجهاد، وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم وظهور كلمة الكفر وفيه فساد عظيم». قال الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ}.

وجهاد العدو المجاور متعين لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ} ولأن اشتغالهم بالبعيد يمكن التقريب من انتهاز الفرصة، إلا لحاجة إلا قتال الأبعد، كأن يكون الأبعد أخوف، أو لغوته وإمكان الفرصة أو يكون الأقرب مهادنًا، أو يمنع من قتاله مانع فيبدأ بالأبعد للحاجة ومع تساو في بعد وقرب بين عدوين وأحدهما أهل كتاب، جهاد أهل الكتاب أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم خلاد: «إن ابنك له أجر شهيدين»، قالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>