وإلا فبرهما» ولأن فرض أداء الدين متعين عليه، فلا يجوز تركه لفرض على الكفاية يقوم غيره فيه مقامه، والمؤجل كالحال؛ لأنه يعرض نفسه للقتل، فيضيع الحق؛ فإن كان وفاء جاز؛ لأن عبد الله بن حرام والد جابر، خرج إلى أحد وعليه ديون كثيرة فاستشهد وقضى عنه ابنه مع علمه - صلى الله عليه وسلم - من غير نكير، ولعدم ضياع حق الغريم إذن.
ومن كان أحد أبويه مسلمًا لم يجز له الجهاد إلا بإذنه؛ لما روى عبد الله ابن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستأذنه في الجهاد، فقال:«أحي والداك؟» قال: نعم. قال:«ففيهما فجاهد» رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه. وفي رواية: أتى رجل، فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك، وقد أتيت وإن والدي يبكيان، قال:«فارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وعن أبي سعيد أن رجلاً هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن، فقال:«هل لك أحد باليمن؟» فقال أبواي، فقال:«أذنا لك؟» فقال: لا، قال:«ارجع إليهما فاستأذنهما؛ فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما» رواه أبو داود.
ومن معاوية بن جاهمة السلمي، أن جاهمة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال:«هل من أم؟» قال: نعم، قال:«الزمها؛ فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد والنسائي.
وعن ابن مسعود قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أحب إلى الله؟ قال:«الصلاة على وقتها»، قلت: ثم أيّ؟ قال:«بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال:«الجهاد في سبيل الله» الحديث متفق عليه، وقال رجل لابن عباس: إني