للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان ضرك لو مننت وربما … من الفتى وهو المغيظ المحنق

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو سمعته ما قتلته»، وقتل يوم أُحد أبا عزة الجمحي؛ وأما الاسترقاق، فلقول أبي هريرة: لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته يقول: «هم أشد أمتي على الدجال، وجاءت صدقاتهم»، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هذه صدقات قومنا»، وكانت سبية منهم عند عائشة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل» متفق عليه؛ لأنه يجوز إقرارهم على كفرهم بالجزية، فبالرق أولى لأنه أبلغ الصغار؛ وأما المنَّ، فلقوله تعالى: {فَإِمَّا مَناًّ بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منَّ على أبي عزة الشاعر يوم بدر، وعلى أبي العاص بن الربيع، وعلى ثمامة بن أثال.

وأما الفداء بمسلم الآية؛ ولما روى عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلين من أصحابه برجل من المشركين من بني عقيل، رواه أحمد والترمذي وصححه.

وأما الفداء بمال فللآية؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فادى أهل بدر بالمال، فما فعله الأمير من هذه الأربعة تعين، ولم يكن لأحد نقضه، ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين؛ لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر، فلم يحز له ترك ما فيه الحظ، كولي اليتيم؛ لأن كل هذه الخصال قد تكون أصلح في بعض الأسرى؛ فإن منهم من له قوة ونكاية في المسلمين، فقتله أصلح، ومنهم الضعيف ذو المال الكثير، ففداؤه أصلح. ومنهم حسن الرأي في المسلمين يُرجى إسلامه، فالمن عليه أولى، ومن ينتفع بخدمته، ويؤمن شره، استرقاقه أصلح. فمتى رأى المصلحة في خصلة، لم يجز اختيار غيرها، ومتى رأى قتله ضرب عنقه بالسيف؛ لقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>