للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجب الموادعة بمال والهدنة بغيره إن سألوهما، وثم مصلحة لحصول الغرض من إعلاء كلمة الإسلام وصغار الكفرة، وله الانصراف بدونه إن رآه لضرر أو إياس منه.

وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئًا، فقال: «إنا قافلون إن شاء الله غدًا»، فقال المسلمون: أنرجع ولم نفتحه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغدوا على القتال»، فغدوا عليه، فأصابهم جراح؛ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنا قافلون غدًا»، فأعجبهم، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه.

وإن قال أهل الحصن للمسلمين: ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم عندنا، وجب رحيلهم لئلا يلقوا بأسر المسلمين للهلاك، ويحرز من أسلم من أهل الحصن قبل استيلائنا عليه، دمه وماله حيث كان في الحصن أو خارجه؛ لما ورد عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك، حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» رواه أصحاب السنن.

ويحرز من أسلم منهم أولاده الصغار، وحمل امرأته للحكم بإسلامهم تبعًا له، ولا يحرز امرأته إذا لم تسلم؛ لأنها لا تتبعه في الإسلام؛ فإن سبيت صارت رقيقة كغيرها من النساء، ولا ينفسخ نكاحه برقها ويتوقف بقاء النكاح على إسلامها في العدة، وإن دخل كافر دار الإسلام وله أولاد صغار في دار الحرب، صاروا مسلمين تبعًا له، ولم يجز سبيهم لعصمتهم في الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>