للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما حكم إعانة أهل الأهواء؟ وما صفة سير الجيش؟ وما الذي ينبغي للأمير أن يعمل نحو العدو؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة.

ج: يحرم أن يستعين بكافر، لحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين، فقال له: «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: لا. قال: «فارجع فلن أستعين بمشرك» متفق عليه؛ ولأن الكافر لا تؤمن غائلته، ومكره لخبث طويته. والحرب تقضي المناصحة، والكافر ليس من أهلها إلا لضرورة؛ لحديث الزهري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من المشركين في حربه، وبهذا حصل التوفيق بين الأدلة والضرورة، مثل كون الكفار أكثر عدادًا أو يخاف منهم، وحيث جاز اشتراط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين؛ فإن كان غير مأمون عليهم، لم يجز كالمرجف وأولى.

وتحريم استعانة بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين من غزو وعمالة، أو كتابة أو غيرها، لعظم الضرر؛ لأنهم دعاة إلى عقائدهم الباطلة، فهم أضر على المسلمين من اليهود والنصارى؛ لأنهم يدعون إلى ذلك، واليهود والنصارى لا يدعون إلى دياناتهم؟

وتكره الاستعانة بذمي في ذلك، وتحرم توليتهم الولايات، وتحرم إعانة أهل الأهواء على عدوهم إلا خوفًا من شرهم، ويُسن أن يخرج الإمام بالجيش يوم الخميس؛ لما ورد عن كعب بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. متفق عليه.

ويسير بالجيش برفق، كسير أضعفهم؛ لحديث «أمير القوم أقطعهم»، أي أقلهم سيرًا، لئلا ينقطع أحد منهم؛ فإن دعت حاجة إلى الجد في السير جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جد حين بلغه قول عبد الله بن أبي ليخرجن الأعز منها الأذل، ليشتغل الناس عن الخوض فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>