للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره أن يدخل في صفوف عدوه، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم، فانطلق ابن أبي حدرد حتى دخل فيهم وسمع منهم ما أجمعوا عليه من حرب المسلمين، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر.

ويشاور في أمر الجهاد المسلمين ذا الرأي والدين؛ لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}.

وقال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثم تكلم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فانطلقوا. رواه أحمد ومسلم.

وعن أبي هريرة قال: ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه أحمد والشافعي، وروى البغوي بسنده، عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رجلاً أكثر استشارة للرجال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وللاستشارة فوائد كثيرة، ذكرها بعض المفسرين، لا نطول بذكرها، يغني عنها أمر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولنعم ما قيل في ذلك:

وشاور إذا شاورت كل مهذب … لبيب أخي حزم لترشد في الأمر

ولا تك ممن يستبد برأيه … فتعجز أو لا تستريح من الفكر

ألم تر أن الله قال لعبده … وشاورهمو في الأمر حتمًا بلا نكر

وقال بشار بن برد:

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن … برأي نصيح أو نصيحة حازم

<<  <  ج: ص:  >  >>