فنزل إليهم متوشحًا، وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت كاليوم ريحًا، أي أطيب، فقال: عندي أعطر نساء العرب، وأجمل نساء العرب، فقال: أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم. فشمه ثم أشم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم، فلما استمكن منه قال: دونكم، فقتلوه، ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه.
وعن أم كلثوم بنت عقبة قالت: لم أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يرخص في شيء من الكذب، مما يقول الناس، إلا في الحرب والإصلاح بين الناس. وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها، رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
وتستحب الخيلاء في الحرب؛ لما ورد عن جابر بن عتيك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن من الغيرة ما يحب الله، ومن الغيرة ما يبغض الله، وإن من الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله؛ فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة؛ وأما الغيرة التي يبغض الله، فالغيرة في غير الريبة؛ والخيلاء التي يحبها الله، فاختيال الرجل بنفسه عند القتال، واختياله عند الصدمة؛ والخيلاء التي يبغض الله، كاختيال الرجل في الفخر والبغي» رواه أبو داود والنسائي.
ويكره التلثم في القتال وعلى أنفه، لا لبس علامة كريش نعام، ولا يخمس السلب؛ لحديث عوف وخالد إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب. رواه أحمد وأبو داود؛ ولأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فله سلبه» يتناول جميعه.
وتجوز الخديعة في الحرب للمبارز وغيره؛ لما ورد عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خدعة» متفق عليه، وروي أن عمر بن عبد ود، لما بارز عليًا قال له علي: ما برزت لأقاتل اثنين، فالتفت عمرو فوثب علي فضربه، فقال عمرو: خدعتني، فقال: الحرب خدعة، وفي غزوة الخندق، إن نعيم بن مسعود بن عامر من بني غطفان، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: