للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم؛ فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع» رواه أحمد وأبو داود. وقال: هذا كان في ذلك الزمان، اليوم لا يصلح، ومعناه -والله أعلم-: إنه كان في المدة التي شرط لهم فيها أن يرد من جاء منهم مسلمًا؛ ولأن لحاجة داعية إلى ذلك، إذ لو قتل لفاتت مصلحة المراسلة.

ومن جاءنا بلا أمان، وادعى أنه رسول أو تاجر، وصدقته عادة قبل منه ما ادعاه، وأن لا تصدقه عاده فكأسير، أو كان جاسوسًا فكأسير، يخير الإمام فيه، ومن جاءت به ريح من كفار، أو ضل الطريق منهم، أو أبق إلينا من رقيقهم، أو شرد إلينا من دوابهم، فهو لآخذه غير مخموس؛ لأنه مباح، وأخذه بغير قتال في دار الإسلام أشبه الصيد والحشيش.

ويبطل أمان بردة من مستأمن لنقضه له.

ويبطل بخيانة؛ لأن الخيانة غدر، وهو لا يصلح في ديننا.

وإن أودع مستأمن مالًا، أو أقرض مستأمن مسلمًا مالًا، أو ترك المال ببلاد الإسلام، ثم عاد لدار حرب، أو انتقض عهد ذمي بقي أمان ماله، ويبعث ماله إليه إن طلبه لبقاء؛ لأمان فيه، ويصح تصرفه فيه بنحو بيع وهبة لبقاء ملكه، وإن مات بدار حرب، فماله بدار الإسلام لوارثه؛ لأن الأمان حق لازم متعلق بالمال، فبموته ينتقل لوارثه؛ فإن عدم وارثه ففيء لبيت المال، وإن استرق وقف ماله؛ فإن عتق أخذه، وإن مات قنا ففيء.

وإن أسر فأطلق بشرط أن يقيم عندهم مدة، أو أن يأتي ويرجع إليهم، أو أن يبعث مالًا، وإن عجز عاد إليهم، ورضي لزمه الوفاء؛ لحديث: «إنا لا يصلح في ديننا الغدر» ولأنه في الوفاء مصلحة للأسارى، وفي الغدر

<<  <  ج: ص:  >  >>