للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومصرف ما أخذ منهم مصرف الجزية؛ لأنه مأخوذ من مشرك فكان جزية، وغايته أن مسماه باسم الصدقة، وكذلك قال عمر - رضي الله عنه -: هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبو الاسم.

وقيل مصرف الصدقة؛ لأنه سلك به مسلكها في قدر المأخوذ والمأخوذ منه، فذلك في المصرف.

ولا جزية على امرأة وخنثى ومجنون؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: «خذ من كل حالم دينارًا، أو عدله معافريًا» رواه الشافعي في «مسنده». وروى أسلم أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى أمراء الأجناد: لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي، أي من نبتت عانته؛ لأن المواسي إنما تجري على من أنبت -أراد من بلغ الحلم من الكفار- رواه سعيد. والخنثى: لا يعلم كونه رجلًا، فلا تجب عليه مع الشك، والمجنون في معنى الصبي فقيس عليه.

ولا جزية على عبد لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا جزية على عبد»، وعن ابن عمر مثله؛ ولأنه مال فلم تجب عليه كسائر الحيوانات، ولا جزية على فقير يعجز عنها غير معتمل؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} ولأن عمر جعل الجزية ثلاث طبقات: جعل أدناها على الفقير المعتمل، فدل على أن غير المعتمل لا شيء عليه؛ فإن كان معتملًا وجبت عليه ولا جزية على زمن، ولا أعمى، ولا شيخ فان، ولا راهب بصومعته؛ لأنهم لا يقتلون فلم تجب عليهم الجزية كالنساء والصبيان، ولا يبقى بيد الراهب مال إلا بلغته فقط … قاله الشيخ تقي الدين.

قال: ويؤخذ منهم مالنا كالرزق الذي للديورة والمزارع إجماعًا، قال: ويجب ذلك، وقال: ومن له زرعة أو تجارة، وهو مخالط لهم، ومعاونهم

<<  <  ج: ص:  >  >>