للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي، ولا في سلطاني.

ويصح أن يشرط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين، وعلف دوابهم؛ لما روى أحمد بإسناده عن الأحنف بن قيس أن عمر شرط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة، وأن يصلحوا القناطر، وأن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته؛ ولما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - ضرب على نصارى أيلة، ثلاثمائة دينار، وكانوا ثلاثمائة نفس، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين، وعن عمر أنه قضى عليهم ضيافة ثلاثة أيام، وعلف دوابهم وما يصلحهم.

ويبين لهم الإمام أو نائبه أيام الضيافة والإدام، واعلف وعدد من يضاف من الرجالة والفرسان والمنزل، فيقول: تضيفون في كل سنة مائة يوم في كل يوم عشيرة من المسلمين، من خبز كذا وكذا، ومن الإدام كذا، وللفرس من الشعير كذا، ومن التبن كذا؛ لأن ذلك من الجزية، فاعتبر العلم به كالنقود.

ويبين لهم ما على الغني والفقير من الضيافة، كما في الجزية، فيكون ذلك بينهم على قدر جزيتهم؛ فإن شرط الضيافة مطلقًا صح؛ لأن عمر لم يقدر ذلك، وقال: أطعموهم مما تأكلون، وتكون مدتها عند الإطلاق يومًا وليلة، ولا تجب عليهم الضيافة بلا شرط؛ لأنه دليل عليه.

وإذا تولى إمام فعرف ما قدر عليهم من جزية أو قامت بينة، أو ظهر ما عليهم أقرهم عليه بلا تحديد عقد؛ لأن الخلفاء أقروا عقد عمر، ولم يجددوه؛ ولأن عقد الذمة مؤبد، فإن كان فاسدًا رده إلى الصحة، وإلا رجع إلى قولهم، إن صلح ما ادعوه جزية لأنهم غارمون، وله تحليفهم مع تهمة فيما يذكرون، لاحتمال كذبهم؛ فإن بان لإمام بعد ذلك نقص، أخذ النقص منهم.

وإن عقد الذمة إمام مع كفار كتب أسماءهم، وأسماء آبائهم، وخلاهم وكتب دينهم كيهودي ونصراني أو مجوسي، وجعل لكل طائفة عريفًا يكشف

<<  <  ج: ص:  >  >>