للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم» رواه أحمد، وفي لفظ للإمام أحمد: «فقولوا عليكم» بلا واو، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: السام عليكم، ففهمتها، فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مهلًا يا عائشة؛ فإن الله يحب الرفق في الأمر كله»، فقلت: يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد قلت وعليكم» متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وفي لفظ آخر: قد قلت عليكم لم يذكر مسلم الواو، وعند الشيخ تقي الدين يرد مثل تحيته، فيقول: وعليك مثل تحيتك.

وقال ابن القيم -رحمه الله- في «أحكام أهل الذمة»: فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: سلام عليكم لا شك فيه فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله، وعليك فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام؛ فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، فندب إلى الفضل، وأوجب العدل، ولا ينافي هذا شيئًا من أحاديث الباب بوجه ما؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الراد، وعليكم، وبناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار في حديث عائشة - رضي الله عنها - فقال: «ألا ترينني قلت: وعليكم»، ثم قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم». والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظيره المذكور، لا فيما يخالفه، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} فإذا زال هذا السبب، وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله، فالعدل في التحية يقتضي أن يرد عليه نظير سلامه. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>