الأولى، سنة أربع، وفي هذه الغزوة قال رجل من غطفان لقومه: ألا أقتل لكم محمداً؟ قالوا: إلى، وحضر إِلى عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد أريد أنظر إِلى سيفك هذا، وكان محّلى بفضة، فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إِليه، فأخذه واستله، ثم جعل يهزه ويهم، ويكبته الله، ثم قال يا محمد: ما تخافني؟ فقال له: لا أخاف منك ثم رد سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم إِليه، فأنزل الله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إِذ هم قوم أن يبسطوا إِليكم أيديهم فكيف أيديهم عنكم "" المائدة: ١١ ".
[غزوة بدر الثانية]
وفي شعبان سنة أربع، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لميعاد أبي سفيان، وأتى بدراً وأقام ينتظر أبا سفيان، وخرج أبو سفيان من مكة، ثم رجع من أثناء الطريق إِلى مكة، فلما لم يأت انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى المدينة، وفي هذه السنة ولد الحسين بن علي رضي الله عنهما. ثم دخلت سنة خمس.
غزوة الخندق
وهي غزوة الأحزاب
وكانت في شوال من هذه السنة، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحزب قبائل العرب، فأمر بحفر الخندق حول المدينة، قيل: إِنه كان بإِشارة سلمان الفارسي، وهو أول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهرت للنبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق عدة معجزات.
منها: ما رواه جابر قال: اشتدت عليهم كدية أي صخرة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بماء وتفل فيه ونضحه عليها، فانهالت تحت المساحي، ومنها أن ابنة بشير بن سعد الأنصاري، وهي أخت النعمان بن بشير، بعثتها أمها بقليل تمر غذاء أبيها بشير، وخالها عبد الله بن رواحة، فمرت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاها وقال:" هاتي ما معك يا بنية " قالت: فصببت ذلك التمر في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما امتلأتا، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب، وبدد ذلك التمر عليه، ثم قال لإِنسان: اصرخ في أهل الخندق أنْ هلموا إِلى الغداء، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
ومنها ما رواه جابر قال: كانت عندي شويهة غير سمينة، فأمرت امرأتي أن تخبز قرص شعير، وأن تشوي تلك الشاة لرسول اللهّ صلى الله عليه وسلم، وكنا نعمل في الخندق نهاراً، وننصرف إذا أمسينا، فلما انصرفنا من الخندق، قلت: يا رسول الله صنعت لك شويهة ومعها شيئاً من خبز الشعير، وأنا أحب أن تنصرف إِلى منزلي، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يصرخ في الناس، أن انصرفوا مع رسول صلى الله عليه وسلم إِلى بيت جابر، قال جابر: فقلت إِنّا لله وإنّا إِليه راجعون، وكان قصده أن يمضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، وقدّمنا