للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى، ثم قام بعده بالأمر الناصر للحق، الحسن بن علي، وكان يعرف بالأطروش، وتوفي الناصر في سنة أربع وثلاثمائة على ما سنذكره إِن ساء الله تعالى. وفيها مات علي بن عبد العزيز البغوي بمكة.

ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين. ودخلت سنة تسع وثمانين ومائتين في هذه السنة كانت حروب بالشام بين طغج بن جف أمير دمشق وبين القرامطة.

وفاة المعتضد في هذه السنة، لثمان بقين من ربيع الآخر، توفي أبو العباس أحمد المعتضد ابن طلحة الموفق بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، ودفن ليلا في دار محمد بن طاهر، وكان مولده في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين. وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وثلاثة عشر يوماً، وخلف من الذكور علياً، وهو المكتفي، وجعفر، أو هو المقتدر، وهارون، وخلف، إِحدى عشرة بنتاً، ولما حضرت المعتضد الوفاة، أنشد أبياتاً منها:

ولا تأمنن الدهَر إِني أمنته ... فلم يبق لي خلا ولم يرع لي حقا

قتلت صناديدَ الرجالِ ولم أدع ... عدواً ولم أمهل على طغيه خلقا

وأخليت دار الملك من كل نازع ... فشردتهم غرباً ومزّقتهم شرقا

فلما بلغت النجمٍ عزاً ورفعة ... وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهما فأَخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ألقى

وكان المعتضد شهماً مهيباً عند أصحابه، يتقون سطوته، ويكفون عن المظالم خوفاً منه، وكان فيه الشح، وكان عفيفاً، حكى القاضي ابن إِسحاق قال: دخلت على المعتضد وعلى رأسه أحداثٌ رومٌ صباح الوجوه، فأطلت النظر إِليهم، فلما قمت، أمرني بالقعود، فجلست، فلما تفرق الناس قال: يا قاضي، والله ما حللت سراويلي على حرام قط.

[خلافة المكتفي بالله]

وهو سابع عشرهم، لما توفي المعتضد، بايع الناس ابنه المكتفي، وكان بالرقة فكتب الوزير إِليه بوفاة المعتضد، وأخذ البيعة له، ولما وصله الخبر، أخذ البيعة على من عنده أيضاً، وسار إلى بغداد، فدخلها لثمان خلون من جمادى الأولى.

وفي هذه السنة توفي إِبراهيم بن أحمد بن إِبراهيم بن الأغلب، صاحب إِفريقية كما تقدم ذكره في سنة إِحدى وستين ومائتين، وملك بعده ابنه عبد الله بن إبراهيم، ثم قتل عبد الله آخر شعبان، في سنة تسعين ومائتين، على ما سنذكر إن شاء الله تعالى. وكان سكنى عبد الله وقتله بمدينة تونس، وكان كثير العدل حسن السيرة.

ثم دخلت سنة تسعين ومائتين في هذه السنة اشتدت شوكة القرامطة، حتى حصروا دمشق، بعد أن هزموا جيش أميرها طغج ين جف، ثم اجتمعت عليهم العساكر وقتلوا مقدمهم يحيى المعروف بالشيخ، ولما قتل مقدم القرامطة يحيى المذكور،

<<  <  ج: ص:  >  >>