وفي هذه السنة سقط من يد عثمان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من فضة فيه ثلاثة أسطر، محمد رسول الله، كان النبي يتختم به، ويختم به الكتب التي كان يرسلها إِلى الملوك. ثم ختم به بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، إِلى أن سقط في بئر أريس ثم دخلت سنة إِحدى وثلاثين.
[مهلك يزد جرد بن شهريار بن برويز]
وهو آخر ملوك الفرس، في هذه السنة هلك يزد جرد، وقد اختلف في ذلك، فقيل إنه نزل بمرو، فثار عليه أهلها وقتلوه، وقيل بغته الترك وقتلوا أصحابه، فهرب يزد جرد إلى بيت رجل ينقر الأرحا فقتله ذلك الرجل، واتبع الفرس أثر يزد جرد إِلى بيت النقار، وعذبوا النقار فأقر بقتله فقتلوه.
وفيها عصت خراسان، واجتمع أهلها في خلق عظيم، وسار إِليهم المسلمون، وذلك في أيام عثمان ففتحوها فتحاً ثانياً.
وفي هذه السنة مات أبو سفيان بن حرب بن أمية أبو معاوية.
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين فيها توفي عبد الله بن مسعود ابن غافل بن حبيب بن شمخ من ولد مدركة بن إِلياس بن مضر، وفي مدركة يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في بعض الروايات أن عبد الله بن مسعود المذكور، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، والذي روى أنه من العشرة، أسقط أبا عبيدة بن الجراح، وجعل عبد الله المذكور بدله، وكان جليل القدر، عظيماً في الصحابة، وهو أحد القراء رحمه الله تعالى ورضي عنه.
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين فيها تكلم جماعة من الكوفة في حق عثمان، بأنه ولى جماعة من أهل بيته، لا يصلحون للولاية، فكتب سعيد بن العاص والي الكوفة من قبل عثمان إِليه بذلك، فأمره عثمان بأن يسير الذين تكلموا بذلك إِلى معاوية بالشام، فأرسلهم وفيهم الحارث بن مالك المعروف بالأشتر النخعي، وثابت ابن قيس النخعي، وجميل بن زياد، وزيد بن صوحان العبدي، وأخوه صعصعة، وجندب بن زهير، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق، فقدموا على معاوية وجرى بينهم كلام كثير، وحذرهم الفتنة، فوثبوا وأخذوا بلحية معاوية ورأسه، فكتب بذلك إِلى عثمان، فكتب إِليه عثمان أن يردهم إِلى سعيد بن العاص، فردهم إِلى سعيد، فأطلقوا ألسنتهم في عثمان، واجتمع أهل الكوفة.
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين فيها قدم سعيد إِلى عثمان، وأخبره بما فعله أهل الكوفة، وأنهم يختارون أبا موسى الأشعري فولى عثمان أبا موسى الكوفة، فخطبهم أبو موسى وأمرهم بطاعة عثمان، فأجابوا إِلى ذلك، وتكاتب نفر من الصحابة بعضهم إِلى بعض، أن أقدموا فالجهاد عندنا، ونال الناس من عثمان، وليس أحد من الصحابة ينهي عن ذلك، ولا يذب إِلا نفر، منهم زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن