للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذل والهة حيرى مدلهة ... على صبيين ذلا إِذ غدا السلف

خبرت بشراً وما صدقت ما زعموا ... من إِفكهم ومن القول الذي اقترفوا

أنحا على ودجي ابني مرهفة ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترف

مقتل علي بن أبي طالب

رضي الله عنه

قيل اجتمع ثلاثة من الخوارج منهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وعمرو بن بكر التميمي، والبرُك بن عبد الله التميمي، ويقال إِن اسمه الحجاج، فذكروا أخوانهم من المارقة المقتولين بالنهروان، فقالوا: لو قتلنا أئمة الضلالة أرحنا منهم البلاد، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم علياً، وقال البرك: أنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، وتعاهدوا أن لا يفر أحد منهم عن صاحبه الذي توجه إِليه واستصحبوا سيوفاً مسمومة، وتواعدوا لسبع عشرة ليلة تمضي من رمضان، من هذه السنة، أعني سنة أربعين، أن يثب كل واحد منهم بصاحبه.

واتفق مع عبد الرحمن بن ملجم رجلان، أحدهما يقال له وردان من تيم الرباب، والآخر شبيب من أشجع، ووثبوا على علي وقد خرج إِلى صلاة الغداة، فضربه شبيب فوقع سيفه في الطاق، وهرب شبيب فنجا في غمار الناس، وضربه ابن ملجم في جبهته، وأما وردان فهرب.

وأمسك ابن ملجم وأحضر مكتوفاً بين يدي علي، ودعا علي الحسن والحسين وقال: أوصيكما بتقوى الله، ولا تبغيا الدنيا، ولا تبكيا على شيء زوى عنكما منها، ثم لم ينطق إِلا بلا إِله إِلا الله، حتى قبض رضي الله عنه.

وأما البرك فوثب على معاوية في تلك الليلة، وضربه بالسيف فوقع في إلية معاوية، وأمسك البرك فقال له: إني أبشرك فلا تقتلني، فقال بماذا؟ قال إن رفيقي قتل علياً هذه الليلة، فقال معاوية: لعله لم يقدر، فقال إلى، إن علياً ليس معه من يحرسه، فقتله معاوية.

وأما عمرو بن بكر، فإِنه جلس تلك الليلة لعمرو بن العاص، فلم يخرج عمرو إِلى الصلاة، وكان قد أمر خارجة بن أبي حبيبة، صاحب شرطته، أن يصلي بالناس، فخرج خارجة ليصلي بالناس، فشد عليه عمرو بن بكر، وهو يظن أنه عمرو ابن العاص فقتله، فأخذه الناس وأتوا به عمراً، فقال: من هذا؟ قالوا عمرو. فقال: أنا مَن قتلت؟ قالوا: خارجة. فقال عمرو: أردت عمراً وأراد الله خارجة.

ولما مات علي أخُرج عبد الرحمن بن ملجم من الحبس، فقطع عبد الله بن جعفر يده، ثم رجله، وكحلت عيناه بمسمار محمى، وقطع لسانه، وأحرق، لعنه الله.

ولبعض الخوارج، وهو عمران بن حطان لعنه الله، يرثي ابن ملجم المذكور لعنه الله:

لله در المرادي الذي فتكت ... كفاه مهجة شر الخلق إِنسانا

يا ضربة من ولي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إِني لأذكره يوماً فأحسبه ... أو فالخليقة عند الله ميزانا

واختلف في عمر علي رضي الله عنه، فقيل كان ثلاثاً وستين سنة، وقيل خمساً وستين، وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>