معه، فازداد غيظ الأمراء على الملك السعيد بسبب ذلك، فاجتمعوا وقبضوا عليه ونهبوا وطاقه، وكان قد برز إلى الباب المعروف بباب الله، ولما استولوا على خزانته لم يجدوا فيها مالاً طائلاً، فهددوه، بالعذاب إن لم يقر لهم بماله، فنبش من تحت أشجار حائط دار ببابلي، جملة من المال، قيل كانت خمسين ألف دينار مصرية، ففرقت في الأمراء، وحمل الملك السعيد المذكور إلى الشغر وبكاس معتقلاً، ثم لما اندفع العسكر من بين يدي التتر على ما سنذكره، أفرجوا عنه، ولما جرى ذلك اتفقت العزيزية والناصرية وقدموا عليهم الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي، ثم سارت التتر إلى حلب، فاندفع حسام الدين الجوكندار والعسكر الذين معه بين أيديهم إلى جهة حماة، ووصل التتر إلى حلب في أواخر هذه السنة، أعني سنة ثمان وخمسين وستمائة، وملكوها وأخرجوا أهلها إلى قرنبيا، واسمها مقر الأنبياء فسماه العامة قرنبيا، ولما اجتمع المسلمون بقرنبيا بذل التتر فيهم السيف، فأفنوا غالبهم، وسلم القليل منهم، ووصل حسام الدين الجوكندار ومن معه إلى حماة، فضيفهم الملك المنصور محمد صاحب حماة، وهو مستشعر خائف من غدرهم، ثم رحلوا من حماة إلى حمص، فلما قارب التتر حماة، خرج منها الملك المنصور صاحبها وصحبته أخوه الملك الأفضل علي، والأمير مبارز الدين، باقي العسكر، واجتمعوا بحمص مع باقي العساكر إلى أن خرجت هذه السنة.
ثم دخلت سنة تسع وخمسينوستمائة.
[ذكر كسرة التتر على حمص]
وفي يوم الجمعة خامس المحرم عن هذه السنة، كانت كسرة التتر على حمص، وكان من حديثها أن التتر لما قدموا في آخر السنة الماضية إلى الشام، اندفعت العزيزية والناصرية من بين أيديهم، وكذلك الملك المنصور صاحب حماة، ووصلوا إلى حمص، واجتمع بهم الملك الأشرف صاحب حمص، ووقع اتفاقهم على ملثقى التتر، وسارت التتر إليهم والتقوا بظاهر حمص في نهار الجمعة المذكور، وكان التتر أكثر من المسلمين بكثير، ففتح الله تعالى على المسلمين بالنصر، وولى التتر منهزمين، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون منهم كيف شاؤوا، ووصل الملك المنصور إلى حماة بعد هذه الوقعة، وانضم من سلم من التتر إلى باقي جماعتهم، وكانوا نازلين قرب سلمية، واجتمعوا ونزلوا على حماة وبها صاحبها الملك المنصور، وأخوه الملك الأفضل والعسكر، وأقام التتر على حماة يوماً واحداً، ثم رحلوا عن حماة، وأراد الملك المنصور بعد رحيل التتر المسير إلى دمشق، فمنعه العامة من ذلك حتى استوثقوا منه أنه يعود إليهم عن قريب، فسافر هو وأخوه الملك الأفضل في جماعة قليلة، وبقي الطواشي مرشد في باقي العسكر بحماة، ووصل المنصور بمن معه إلى دمشق، وكذلك توجه الملك الأشرف صاحب حمص إلى دمشق، وأما حسام الدين الجوكندار العزيزي، فتوجه أيضاً بمن في صحبته، ولم