وفيها توفي أبو نصر قرا خان صاحب تركستان، وقيل في سنة ثمان ورأبعمائة على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى. وفيها توفي الشريف الحسيني الملقب بالرضي، وهو محمد بن الحسين بن موسى بن إِبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، المعروف بالموسوي، صاحب ديوان الشعر، حكي أنه تعلم النحو من ابن السيرافي النحوي، فذاكره ابن السيرافي على عادة التعليم، وهو صبي، فقال: إذا قلنا رأيت عمر فما علامة النصب في عمرو؟ فقال الرضي: بغض علي. أراد السيرافي النصب الذي هو الإعراب، وأراد الرضي الذي هو بغض علي، فأشار إِلى عمرو بن العاص وبغضه لعلي، فتعجب الحاضرون من حدة ذهنه، وكانت ولادته سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ببغداد.
وفيها توفي الإمام أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد الإسفراييني، إِمام أصحاب الشافعي، وكان عمره إِحدى وستين سنة وأشهراً، قدم بغداد في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وكان يحضر مجلسه أكثر من ثلاثمائة فقيه، وطبق الأرض بالأصحاب، وله عدة مصنفات منها: في المذهب التعليقة الكبرى، وهو من إسفرائين وهي بلدة بخراسان بنواحي نيسابور، على منتصف الطريق إِلى جرجان.
ثم دخلت سنة سبع وأربعمائة فيها غزا يمين الدولة محمود الهند على عادته، ووصل إِلى قشمير، وقنوج، وبلغ نهر كنك وفتح عدة بلاد وغنم أموالاً وجواهر عظيمة، وعاد إِلى غزنة مؤيداً منصوراً.
انقراض الخلافة الأموية من الأندلس
[وتفرق ممالك الأندلس، وأخبار الدولة العلوية بها]
في هذه السنة، خرج بالأندلس على المستعين بالله سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر الأموي، شخص من القواد يقال له خيران العامري، لأنه كان من أصحاب المؤيد، فلما ملك سليمان الأموي قرطبة، خرج عنه خيران المذكور، وسار في جماعة كثيرة من العامريين، وكان علي بن حمود العلوي مستولياً على سبتة، وبينه وبين الأندلس عدوة المجاز، وكان أخوه القاسم بن حمود مستولياً على الجزيرة الخضراء من الأندلس، ولما رأى علي بن حمود العلوي خروج خيران على سليمان، عبر من سبتة إِلى مالقة، واجتمع إِليه خيران وغيره من الخارجين على سليمان الأموي، وكان أمر هشام المؤيد الخليفة الأموي قد اختفى عليهم، من حين استولى ابن عمه سليمان المذكور على قرطبة، في سنة ثلاث وأربعمائة، على ما قدمنا ذكره. وأخرج المؤيد من القصر، فلم يطلع للمؤيد على خبر، فاجتمع خيران وغيره إِلى علي بن حمود العلوي بالمكتب، وهي ما بين المرية ومالقة، سنة ست وأربعمائة، وبايعوا علي بن حمود العلوي على طاعة المؤيد الأموي، إِن ظهر خبره، وساروا إلى سليمان