والسبكري وغشه في اليمين بالأمان للذين قتلهم، وكان ابن مقلة مستتراً من القاهر، والقاهر يجتمع بالقواد ويغريهم به، وكان ابن مقلة يظهر تارة بزي عجمي، وتارة بزي مكدي. وأعطى لبعض المنجمين مائة دينار، ليقول للقواد أن عليه قطعاً من القاهر، وكذلك أعطى لبعض معبري المنامات، ممن كان يعبر المنامات لسيما القائد، أنه إذا قص عليه سيما مناماً، يعبره بما يخوفه به من القاهر، ففعلوا بذلك، فاستوحش سيما مقدم الساجية، وغيره من القاهر، واتفقوا على القبض على القاهر، فاجتمعوا وحضروا إِليه، وكان القاهر قد بات يشرب أكثر ليلته، وهو سكران نائم، فأحدقوا بالدار، فاستيقظ القاهر مخموراً، وأوثقت الأبواب عليه، فهرب إلى سطح حمام هناك، فتبعوه وأخذوه، وأتوا به إِلى الموضع الذي فيه طريف السبكري، فأخرجوا طريفاً وحبسوا القاهر موضعه، ثم سملوا عيني القاهر، وكانت خلافته سنة واحدة وستة أشهر وثمانية أيام.
[خلافة الراضي بالله]
وهو العشرون من خلفاء بني العباس. لما قبض على القاهر، كان أبو العباس أحمد بن المقتدر ووالدته محبوسين، فأخرجوه وأجلسوه على سرير القاهر، وسلموا عليه بالخلافة ولقبوه الراضي بالله، وبويع بالخلافة يوم الأربعاء، لست خلون من جمادى الأولى. في هذه السنة، أعني سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وأشار سيما القائد بوزارة ابن مقلة، فاستوزره الراضي بالله، وراودوا القاهر أن يشهد عليه بالخلع، فامتنع وهو في الحبس أعمى.
وفاة المهدي العلوي صاحب إِفريقية
[وولاية ولده القائم]
في هذه السنة، في ربيع الأول، توفي المهدي عبيد الله العلوي الفاطمي بالمهدية، وأخفى ولده القائم أبو القاسم محمد موته سنة، لتدبير ما كان له، وكان عمر المهدي ثلاثاً وستين سنة، وكانت ولايته أربعاً وعشرين سنة وشهراً وعشرين يوماً، ولما أظهر ابنه القائم وفاته بايعه الناس واستقرت ولايته.
قتل ابن الشلمغاني
[وحكاية شيء من منصبه الخبيث]
في هذه السنة، قتل محمد بن علي الشلمغاني، وشلمغان المنسوب إِليها، قرية بنواحي واسط وأحدث مذهباً مداره على حلول الإلهية، والتناسخ، والتشيع، وقيل إِنه اتبعه على ذلك الحسين بن القاسم بن عبيد الله، الذي وزر للمقتدر، واتبعه أيضاً أبو جعفر، وأبو علي ابنا بسطام، وإبراهيم بن أبي عون، وأحمد بن محمد بن عبدوس، وكان محمد الشلمغاني وأصحابه مستترين.
فظهر في شوال من هذه السنة، أعني سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة فأمسكه ابن مقلة الوزير، فأنكر الشلمغاني مذهبه، وكان أصحابه يعتقدون فيه الإلهية، فأمسك وأحُضر إِلى عند الراضي، وأمسك معه ابن أبي عون، وابن عبدوس، فأمروهما بصفع الشلمغاني فامتنعا، فلما أُكرِها،