الحجاج بن عبد الملك، ولما ظهر يزيد بن الوليد بدمشق، سار بعض موالي الوليد إِليه، وأعلمه، وهو بالأغذف من عمان، فسار الوليد حتى أتى البحرة، إِلى قصر النعمان بن بشير، ونازله عبد العزيز، وجرى بينه وبين الوليد قتال كثير، وقصد العباس بن الوليد بن عبد الملك، أخوه يزيد المذكور، اللحوق بالوليد ونصرته على أخيه، فأرسل عبد العزيز، منصور بن جمهور، إلى العباس، فأخذه قهراً، وأتى به إِلى عبد العزيز، فقال له: بايع لأخيك، فبايع، ونصب عبد العزيز راية وقال: هذه راية العباس، قد بايع لأمير المؤمنين يزيد، فتفرق الناس عن الوليد، فركب الوليد بمن بقي معه، وقاتل قتالاً شديداً، ثم انهزم عنه أصحابه، فدخل القصر وأغلقه، وحاصروه ودخلوا إِليه وقتلوه، واحتزوا رأسه، وسيروه إلى يزيد بن الوليد، فسجد يزيد شكراً لله، ووضع الرأس على رمح، وطيف به في دمشق، وكان قتله لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة، سنة ست وعشرين ومائة، فكانت مدة خلافته سنة وثلاثة أشهر، وكان عمره اثنتين وأربعين سنة، وقيل غير ذلك، وكان الوليد من فتيان بني أمية وظرفائهم، منهمكاً في اللهو والشرب وسماع الغناء.
[أخبار يزيد بن الوليد]
بن عبد الملك
وهو ثاني عشر خلفائهم، استقر يزيد الناقص في الخلافة، لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة، سنة ست وعشرين ومائة، وسمي يزيد الناقص، لأنه نقص الناس العشرات التي زادها الوليد، وقررهم على ما كانوا عليه أيام هشام، ولما قتل الوليد وتولى يزيد الخلافة خالفه أهل حمص، وهجموا دار أخيه العباس بحمص، ونهبوا ما بها، وسلبوا حرمه، وأجمعوا على المسير إِلى دمشق لحرب يزيد، فأرسل إِليهم يزيد عسكراً، والتقوا قرب ثنية العقاب، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وانهزم أهل حمص، واستولى عليها يزيد، وأخذ البيعة عليهم.
ثم اجتمع أهل فلسطين، فوثبوا على عامل يزيد، فأخرجوه من فلسطين، وأحضروا يزيد بن سليمان بن عبد الملك، فجعلوه عليهم، ودعا الناس إِلى قتال يزيد الناقص، فأجابوه إِلى ذلك، وبلغ يزيد ذلك، فأرسل إِليهم جيشاً مع سليمان بن هشام ابن عبد الملك، ووعد كبراء فلسطين ومناهم، فتخاذلوا عن صاحبهم، فلما قرب منهم الجيش تفرقوا، وقدم جيش سليمان في أثر يزيد بن سليمان بن عبد الملك، فنهبوه، وسار سليمان بن هشام بن عبد الملك حتى نزل طبرية، وأخذ البيعة بها ليزيد الناقص، ثم سار حتى نزل الرملة، وأخذ البيعة على أهلها أيضاً للمذكور.
ثم أن يزيداً عزل يوسف بن عمر عن العراق، واستعمل عليه منصور بن جمهور، وضم إِليه مع العراق خراسان، فامتنع نصر بن سيار في خراسان، ولم يجب إِلى ذلك، ثم عزل يزيد بن الوليد، منصور بن جمهور عن العراق، وولاها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز.
وفي هذه السنة أعني سنة ست وعشرين ومائة، أظهر مروان بن محمد الخلاف ليزيد بن الوليد.