للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهم، وتكردست التتر على الميمنة، فاستشهد من المسلمين خلق كثير، منهم الحسام أستاذ الدار، وكان رأس الميمنة، وكان برأس الميمنة أيضاً سيف الدين قبجق، فاندفع هو وباقي الميمنة بين أيدي التتر، وأنزل الله نصره على القلب والميسرة، فهزمت التتر وأكثر القتل فيهم، فولى بعض التتر مع توليه منهزمين لا يلوون، وتأخر بعضهم مع جوبان، وحال الليل بين الفريقين، فنزل التتر على جبل هناك بطرف مرج الصفر، وأشعلوا النيران

وأحاطت المسلمون بهم، وأصبح الصباح وشاهد التتر كثرة المسلمين، فانحدروا من الجبل يبتدرون الهرب، وتبعهم المسلمون فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان في طريقهم أرض متوحلة، فتوحل فيها عالم كثير عن التتر، فأخذ بعضهم أسرى، وقتل بعضهم، وجرد من العسكر الإسلامي جمعاً كثيراً مع سلار، وساقوا في إثر التتر المنهزمين إلى القريتين، ووصل التتر إلى الفرات، وهي في قوة زيادتها، فلم يقدروا على العبور، والذي عبر فيها وهلك، فساروا على جانبها إلى جهة بغداد، فانقطع أثرهم على شاطئ الفرات وهلك من الجوع،، وأخذ منهم العرب جماعة كثيرة، وأخلف الله تعالى بهذه الوقعة ما جرى على المسلمين في المصاف، الذي كان ببلد حمص، قرب مجمع المروج في سنة تسع وتسعين وستمائة، ولما حصل هذا النصر العظيم، واجتمعت العساكر بدمشق، أعطاهم السلطان الدستور، فسارت العساكر الحلبية والحموية والساحلية إلى بلادهم، فدخلنا حماة مؤيدين منصورين، في يوم السبت سادس عشر رمضان من هذه السنة، الموافق لرابع أيار من شهور الروم.

ذكر وفاة زين الدين كتبغا

وولاية قبجق حماة

وفي هذه السنة، أعني سنة اثنين وسبعمائة في ليلة الجمعة، عاشر ذي الحجة، توفي زين الدين كتبغا المنصوري، ونائب السلطنة بحماة، والمذكور كان من مماليك السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي، فترقى حتى تسلطن، وتلقب بالملك العادل، وملك ديار مصر والشام في سنة أربع وتسعين وستمائة، ثم خلعه نائبه لاجين، وأعطاه صرخد، على ما تقدم ذكره في سنة ست وتسعين وستمائة، واستمر مقيماً بصرخد من السنة المذكورة إلى أن اندفعت المسلمون من التتر على حمص، في سنة تسع وتسعين وستمائة، فوصل كتبغا المذكور من صرخد إلى مصر، وخرج مع سلار والجاشنكير إلى الشام، فقرره نائبا بحماة على ما تقدم ذكره، في سنة تسع وتسعين وستمائة، ثم أغار على بلادسيس، فلما عاد إلى حماة مرض، قبل دخوله إلى حماة؛ وطال مرضه، ثم حصل له استرخاء، وبقي لا يستطيع أن يحرك يديه ولا رجليه، وبقي كذلك مدة، وسار من حماة إلى قريب مصر جافلاً بين يدي التتر، لما كان المصاف على مرج الصفر، ثم عاد إلى حماة وأقام بها مدة يسيرة، وتوفي في التاريخ المذكور من هذه السنة.

ولما توفي

<<  <  ج: ص:  >  >>