للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابق الدين عثمان ابن الداية المذكور وإخوته من أكابر أمراء نور الدين محمود بن زنكي، ثم اعتقل الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين الشهيد، سابق الدين عثمان ابن الداية، وشمس الدين أخاه، فأنكر السلطان صلاح الدين عليه ذلك، وجعله حجة لقصد الشام وانتزعه من الملك الصالح إسماعيل فاتصل أولاد الداية بخدمة السلطان صلاح الدين وصاروا من أكبر أمرائه وكانت شيزر إقطاع سابق الدين المذكور، فأقره السلطان صلاح الدين عليها وزاده أبا قبيس، لما قتل صاحبها خمار دكن، ثم ملك شيزر بعده ولده مسعود بن عثمان حتى مات، وصارت لولده شهاب الدين يوسف المذكور إلى هذه السنة، فسار الملك العزيز صاحب حلب بأمر لملك الكامل وحاصر شيزر، وقدم إليه وهو على حصارها الملك المظفر محمود صاحب حماة مساعداً له، فسلم شهاب الدين يوسف شيزر إلى الملك العزيز ونزل إلي خدمته فتسلمها في هذه السنة، وهنأ الملك العزيز يحيى بن خالد بن قيسراني بقوله:

يا مالكاً عم أهل الأرض نائله ... وخص إحسانه الداني مع القاصي

لما رأت شيزر آيات نصرك في ... أرجائها ألقت العاصي إلى العاصي

ثم ولي الملك العزيز على شيزر وأحسن إلى الملك المظفر محمود صاحب حماة، ورحل كل منهما إلى بلده.

وفي هذه السنة استأذن الملك المظفر محمود صاحب حماة الملك الكامل في انتزاع بارين من أخيه قليج أرسلان، لأنه خشي أن يسلمها إلى الفرنج لضعف قليج أرسلان عن مقاومتهم، فأذن الملك الكامل له في ذلك فسار الملك المظفر من حماة وحاصر بارين وانتزعها من أخيه قليج أرسلان ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، ولما نزل قليج أرسلان إلى أخيه الملك المظفر أحسن إليه وسأله في الإقامة عنده بحماة، فامتنع وسار إلى مصر، فبذل له الملك الكامل إقطاعاً جليلاً وأطلق له أملاك جده بدمشق ثم بدا منه ما لا يليق من الكلام، فاعتقله الملك الكامل إلى أن مات قليج أرسلان المذكور في الحبس سنة خمس وثلاثين وستمائة، قبل موت الملك الكامل بأيام.

[غير ذلك من الحوادث:]

في هذه السنة توفي مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين علي كجك. وقد تقدم ذكر ملكه أربل بعد موت أخيه نور الدين يوسف بن زين الدين علي في سنة ست وثمانين وخمسمائة، لما كانا في خدمة السلطان صلاح الدين في الجهاد بالساحل، فبقي مالكها من تلك السنة إلى هذه السنة، ولما مات مظفر الدين المذكور، لم يكن له ولد، فوصى بأربل وبلادها للخليفة المستنصر، فتسلمها الخليفة بعد موت مظفر الدين المذكور، وكان مظفر الدين ملكاً شجاعاً، وفيه عسف في استخراج الأموال من الرعية، وكان يحتفل بمولد النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>