موت المنتصر في هذه السنة توفي المنتصر بالله، محمد بن جعفر المتوكل، يوم الأحد بسامراء لخمس خلون من ربيع الأول، بالذبحة، وكانت مدة علته ثلاثة أيام وعمره خمس وعشرون سنة وستة أشهر، وكانت خلافته ستة أشهر ويومين، وكان أعين، أقنى، قصيراً، سهيباً، عظيم اللحية، راجح العقل، كثير الإنصاف، وأمر الناس بزيارة قبر الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وأمن العلويين، وكانوا خائفين أيام أبيه.
خلافة المستعين
أحمد بن محمد المعتصم
وهو ثاني عشرهم، ولما توفي المنتصر، اتفق كبراء الدولة مثل بغا الكبير، وبغا الصغير، وأتامش الأتراك، ومحمد بن الخصيب، على تولية المستعين وكرهوا أن يقيموا بعض ولد المتوكل، لكونهم قتلوا المتوكل، فبايعوا المستعين ليلة الاثنين، لست خلون من ربيع الآخر، وهو ابن ثمان وعشرين سنة، ويكنى أبا العباس. وفيها ورد على المستعين الخبر بوفاة طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عبد الله أمير خراسان، في رجب، فعقد المستعين لولده محمد بن طاهر على خراسان. وفيها مات بغا الكبير. فجعل المستعين ابنه موسى بن بغا مكانه. وفي هذه السنة شغب أهل حمص على كيدر عاملهم، فأخرجوه عنهم. وفي هذه السنة تحرك يعقوب ابن الليث الصفار من سجستان، نحو هراة. وفيها توفي محمد ابن العلا الهمداني، وكان من مشايخ البخاري ومسلم.
ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائتين في هذه السنة كان بين المسلمين والروم وقعة بمرج الأسقف. قتل فيها مقدم العسكر، وهو عمر بن عبد الله الأقطع، وكان من شجعان المسلمين وانهزمت المسلمون وقتل منهم جماعة، وخرجت الروم، فأغاروا إِلى الثغور الجزرية.
وفي هذه السنة شغبت الجند، الشاكرية والعامة، ببغداد، على الأتراك، بسبب استيلائهم على أمور المسلمين، يقتلون من شاءوا من الخلفاء ويستخلفون من أحبوا من غير ديانة، ولا نظر للمسلمين، ثم وقعت في سامراء فتنة من العام وفتحوا السجون وأطلقوا ما فيها، ثم ركبت الأتراك وقتلوا من العامة جماعة وسكنت الفتنة.
وفي هذه السنة ثارت الموالي بأتامش، فقتلته، ونهبوا من داره أموالاً جمة، لأن المستعين كان قد أطلق يد أتامش، ويد والدته، أعني والدة المستعين، ويد شاهك الخادم، في بيوت الأموال، فكانوا يأخذون الأموال من دون غيرهم، فقتل أتامش بسبب استيلائه على الأموال.
وفي هذه السنة توفي علي بن الجهم الشاعر. وفي هذه السنة توفي أبو إِبراهيم أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الأغلب صاحب إفريقية، ولما مات ولي موضعه أخوه زيادة الله بن محمد، وكنية زيادة الله المذكور أبو محمد.
ثم دخلت سنة خمسين ومائتين في هذه السنة ظهر يحيى عمر بن يحيى