زعموا أنني سأبعث حيا ... بعد طول المقام في الأرماس
وأجوز الجنان أرتع فيها ... بين حور وولدة أكياس
أي شيء أصاب عقلك يا مس ... كين حتى رميت بالوسواس
ومن ذلك:
أتى عيسى فبطل شرع موسى ... وجاء محمد بصلاة خمس
وقالوا لا نبي بعد هذا ... فضل القوم بين غد وأمس
ومهما عشت في دنياك هذي ... فما تخليك من قمر وشمس
إذا قلت المحال رفعت صوتي ... وإن قلت الصحيح أطلت همسي
ومن ذلك قوله:
تاه النصارى والحنيفة ما اهتدت ... ويهود هطرى والمجوس مضلله
قسم الورى قسمين هذا عاقل ... لا دين فيه ودين لا عقل له
وفي هذه السنة توفي أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني مقدم أصحاب الحديث بخراسان، وكان فقيهاً خطيباً إماماً في عدة علوم. وفيها توفي أياز غلام محمود سبكتكين، وله مع محمود أخبار مشهورة. وفيها مات أبو أحمد عدنان بن الشريف الرضي نقيب العلويين.
ثم دخلت سنة خمسين وأربعمائة الخطبة بالعراق للمستنصر العلوي
[خليفة مصر وما كان إلى قتل البساسيري]
في هذه السنة سار إبراهيم ينال بعد انفصاله عن الموصل إلى همذان، وسار طغرلبك من بغداد في إثر أخيه أيضاً إلى همذان، وتبعه من كان ببغداد من الأتراك فقصد البساسيري بغداد ومعه قريش بن بدران العقيلي في مائتي فرس، ووصل إليها يوم الأحد ثامن ذي القعدة، ومعه أربعمائة غلام ونزل بمشرعة الزوايا وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر بالله العلوي خليفة مصر، وأمر فأذن بحي على خير العمل، ثم عبر عسكره إلى الزاهر، وخطب بالجمعة الأخرى من وصوله للمصري بجامع الرصافة أيضاً، وجرى بينه وبين مخالفيه حروب في أثناء الأسبوع، وجمع البساسيري جماعته ونهب الحريم، ودخل الباب النوبي، فركب الخليفة القائم لابساً للسواد. وعلى كتفه البردة وبيده سيف، وعلى رأسه اللواء وحوله زمرة من العباسيين والخدم بالسيوف المسلولة، وسرى النهب إلى باب الفردوس من ثأره، فلما رأى القائم ذلك رجع إلى ورائه، ثم صعد إلى المنظرة ومع القائم رئيس الرؤساء، وقال رئيس الرؤساء، لقريش بن بدران: يا علم الدين، أمير المؤمنين القائم يستذم بذمامك وذمام رسول الله وذمام العربية، على نفسه وماله وأهله وأصحابه فأعطى قريش محضرته ذماماً، فنزل القائم ورئيس