في هذه السنة قتل لؤلؤ الخادم، وكان قد استولى على حلب وأعمالها. وكان قد أقام لؤلؤ المذكور، بعد رضوان ابنه، ألب أرسلان الأخرس بن رضوان، فلما قتل كما تقدم ذكره، أقام أخاه سلطان شاه، وليس له من الحكم شيء، وبقي لؤلؤ المذكور هو المتحكم في البلاد، فلما كانت هذه السنة سار لؤلؤ إلى قلعة جعبر، ليجتمع بسالم بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر، فوثب جماعة من الأتراك أصاب لؤلؤ على لؤلؤ وقد نزل يريق الماء، وصاحوا أرنب أرنب، وقتلوه بالنشاب، ونهبوا خزانته وعادوا إلى حلب، فاتفق أهل حلب واستعادوا منهم المال، وقام بأتابكية سلطان شاه بن رضوان شمس الخواص يارقطاش، وبقي يارقطاش شهراً، ثم اجتمع كبراء الدولة وعزلوه وولوا أبا المعالي بن الملحي الدمشقي، ثم غزوه وصادروه، ثم خاف أهل حلب من الفرنج، فسلموا البلد إلى أيلغازي بن أرتق صاحب ماردين، فسار أيلغازي وتسلم حلب، وجعل فيها ولده حسام الدين تمرتاش، وعاد أيلغازي إلى ماردين.
[ذكر غير ذلك:]
في هذه السنة جاء سيل فغرق مدينة سنجار، وغرق من الناس خلق كثير، وهدم المنازل، ومن عجيب ما يحكى أن الماء حمل مهداً فيه مولود، فتعلق المهد بشجرة زيتون ثم نقص الماء والمهد معلق بالشجرة فسلم الطفل. وفيه هجم الفرنج على ربض حماة وقتلوا من أهلها ما يزيد على مائة رجل، ثم عادوا عنها.
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وخمسمائة في هذه السنة عزل السلطان محمود مجاهد الدين بهروز عن شحنكية بغداد، وجعل أقسنقر البرسقي شحنة بغداد، وسار بهروز إلى تكريت، وكانت أقطاعه، وكان المدبر لدولة السلطان محمود، الوزير الربيب أبو منصور.
وفيها سار الأمير دبيس بن صدقة إلى الحلة بإذن السلطان محمود، وكان دبيس معتقلاً مع السلطان محمد، من حين قتل أبوه صدقة، إلى الان، فلما أطلق توجه إلى الحلة، واجتمعت عليه العرب والأكراد.
ذكر وفاة المستظهر في هذه السنة، في سادس عشر ربيع الآخر، توفي المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بأمر الله عبد الله بن الذخيرة محمد بن القائم، وكان عمره إحدى وأربعين سنة وستة أشهر وأياماً، وخلافته أربعاً وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوماً. ومن الاتفاق الغريب، أنه لما توفي السلطان ألب أرسلان توفي بعده القائم بأمر الله، ولما توفي ملكشاه توفي بعده المقتدي، ولما توفي محمد، توفي بعده المستظهر.