وقتله، وأسر كربغا وأرسله إلى حمص فسجنه بها، ثم استولى تنش على حران والرها، ثم سار تنش إلى بلاد الجزرية فملكها، ثم ملك ديار بكر خلاط، وسار إلى أذربيجان فملك بلادها. ثم سار إلى همذان فملكها، وأرسل يطلب الخطبة ببغداد من المستظهر بالله فأجيب إلى ذلك، ولما بلغ بركيارق استيلاء عمه تنش على أذربيجان سار إلى أربل ومنها إلى بلد شرحاب الكردي ابن بدر، إلى أن قرب من عسكر عمه تنش، ولم يكن مع بركيارق غير ألف رجل، وكان مع عمه خمسون ألف رجل، فسارت فرقة من معسكر تنش فكبسوا بركيارق، فهرب إلى أصفهان، وكانت تركان خاتون قد ماتت، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، فدخل بركيارق أصفهان وبها أخوه محمود، فلما دخل بركيارق أصفهان احتاط عليه جماعة من كبراء عسكر أخيه محمود وأرادوا أن يسملوا بركيارق، فلحق محموداً جدري قوى، فتوقفوا في أمر بركيارق لينظروا ما يكون من محمود، فمات محمود من ذلك في سلخ شوال من هذه السنة، فكان هذا فرحاً بعد شدة لبركبارق، وكان مولد محمود سنة ثمانين وأربعمائة في صفر. ثم إن بركيارق جدر بعد محمود وعوفي فاجتمعت عليه العساكر، وكان منه ومن تنش ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وفاة أمير الجيوش في هذه السنة في ربيع الأول توفي بمصر أمير الجيوش بدر الجمال، وقد جاوز ثمانين سنة، وكان هو الحاكم في دولة المستنصر، والمرجوع إليه، ولما مات قام بما كان إليه من الأمر ابنه الأفضل.
وفاة المستنصر العلوي في هذه السنة في ثامن ذي الحجة، توفي المستنصر بالله أبو تميم معد بن أبي الحسين علي الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم، وكانت خلافة المستنصر ستين سنة وأربعة أشهر، وكان عمره سبعاً وستين سنة، وهو الذي خطب له البساسيري ببغداد، ولقي المستنصر شدائد وأهوالاً أخرج فيها أمواله وذخائره، حتى لم يبق له غير سجادته التي يجلس عليها، وهو مع هذا صابر غير خاشع، ولما مات ولي خلافة مصر بعده ابنه أبو القاسم أحمد المستعلي بالله.
[ذكر غير ذلك:]
وفي هذه السنة توفي أمير مكة محمد بن أبي هاشم الحسيني، وقد جاوز سبعين سنة. وتولى بعده الأمير قاسم بن أبي هاشم. وفي هذه السنة في رمضان توفيت تركان خاتون امرأة ملكشاه، التي قدمنا ذكرها، وكانت قد برزت من أصفهان لتتصل بتاج الدولة تنش، فمرضت وعادت إلى أصفهان وماتت، ولم يكن قد بقي معها غير قصبة أصفهان.