يدخل دمشق، ونزل بالمرج، ثم سار إلى مصر، وأقام صاحب حماة وصاحب حمص بدمشق في دورهما، والحاكم بها يومئذ سنجر الحلبي الملقب بالسلطان الملك المجاهد، وقد اضطرب أمره. ولذلك أقام صاحب حماة وصاحب حمص بدمشق، ولم يدخلا في طاعته لضعفه، وتلاشي أمره، وأما التتر فساروا عن حماة إلى فامية، وكان قد وصل إلى فامية سيف الدين الدنبلي الأشرفي، ومعه جماعة، فأقام بقلعة فامية، وبقي يغير على التتر، فرحلوا عن فامية وتوجهوا إلى الشرق.
ذكر القبض على سنجر الحلبي
الملقب بالملك المجاهد
وفي هذه السنة، جهز الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر عسكراً، مع علاء الدين البندقدار، وهو أستاذ الملك الظاهر، لقتال علم الدين سنجر الحلبي المستولي على دمشق، فوصلوا إلى دمشق في ثالث عشر صفر من هذه السنة، ولما وصل عسكر مصر إلى دمشق، خرج إليهم الحلبي لقتالهم، وكان صاحب حماة وصاحب حمص قيمين بدمشق، لم يخرجا مع الحلبي لقتالهم، ولا أطاعاه لاضطراب أمر الحلبي، واقتتل معهم بظاهر دمشق في ثالث عشر صفر من هذه السنة، أعني سنة تسع خمسين وستمائة، فولى الحلبي وأصحابه منهزمين، ودخل إلى قلعة دمشق، إلى أن جنه الليل فهرب من قلعة دمشق إلى جهة بعلبك، فتبعه العسكر وقبضوا عليه، وحمل إلى الديار المصرية، فاعتقل ثم أطلق، واستقرت دمشق في ملك الملك الظاهر بيبرس، وأقيمت له الخطبة بها بغيرها من الشام، مثل حماة وحلب وحمص وغيرها، واستقر أيدكين البندقدار الصالحي في دمشق لتدبير أمورها، ولما استقر الحال على ذلك، رحل الملك المنصور صاحب حماة والأشرف صاحب حمص، وعادا إلى بلادهما واستقر بها.
ذكر خروج البرلي
عن طاعة الملك الظاهر بيبرس واستيلائه على حلب:
وفي هذه السنة بعد استقرار علاء الدين أيدكين البندقدار في دمشق، ورد عليه مرسوم الملك الظاهر بيبرس بالقبض على بهاء الدين بغدي الأشرفي وعلى شمس الدين أقوش البرلي، وغيرهما من العزيزية والناصرية، وبقي علاء الدين أيدكين متوقعاً ذلك، فتوجه بغدي إلى علاء الدين أيدكين، فحال دخوله عليه قبض على بغدي المذكور، فاجتمعت العزيزية والناصرية إلى أقوش البرلي، وخرجوا من دمشق ليلاً على حمية، ونزلوا بالمرج، وكان أقوش البرلي قد ولاّه المظفر قطز غزة والسواحل على ما قدمنا ذكره، فلما جهز الملك الظاهر أستاذه البندقدار إلى قتال الحلبي، أرسل إلى البرلي وأمره أن ينضم إليه، فسار البرلي مع البندقدار وأقام بدمشق، فلما قبض على بغدي، خرج البرلي إلى المرج وأرسل علاء الدين أيدكين البندقدار إلى البرلي يطيب قلبه، ويحلف له، فلم يلتفت إلى ذلك، وسار البرلي إلى حمص وطلب من صاحبها الأشرف موسى أن يوافقه على العصيان، فلم يجبه إلى ذلك، ثم توجه إلى حماة وأرسل يقول للملك المنصور صاحب حماة، أنه لم يبق من البيت الأيوبي غيرك، وقم لنصير معك ونملكك البلاد، فلم يلتفت الملك المنصور إلى ذلك، ورده رداً قبيحاً، فاغتاظ البرلي ونزل على حماة وأحرق زرع بيدر العشر، وسار إلى شيزر ثم إلى جهة حلب، وكان علاء الدين