له من الجيران قمقساً لتسخين الماء، ودفن بالرصافة، وكان أحول بين الحول، وخلف عدة بنين، منهم معاوية أبو عبد الرحمن، الذي دخل الأندلس، وملكها لما زال ملك بني أمية، وكان هشام حازماً سد يد الرأي، غزير العقل، عالماً بالسياسة، واختار هشام الرصافة، وبناها، وإليه تنسب فيقال رصافة هشام، وكانت مدينة رومية، ثم خرجت وهي صحيحة الهواء، وإنما اختارها لأن خلفاء بني أمية، كانوا يهربون من الطاعون، وينزلون في البرية، فأقام هشام بالرصافة، وهي في تربة صحيحة، وابتنى بها قصرين وكان بها دير معروف.
أخبار الوليد بن يزيد
بن عبد الملك بن مروان
وهو حادي عشر خلفاء بني أمية، لما مات هشام، نفذت الكتب إِلى الوليد، وكان الوليد مقيماً في البريّة بالأزرق خوفاً من هشام، وكان الوليد وأصحابه في ذلك الموضع في أسوأ حال، ولما اشتد به الضيق، أتاه الفرج بموت هشام، وكانت البيعة للوليد يوم الأربعاء، لثلاث خلون من ربيع الآخر، من هذه السنة أعني سنة خمس وعشرين ومائة، وعكف الوليد على شرب الخمر، وسماع الغناء ومعاشرة النساء، وزاد الناس في أعطيتهم عشرات، ثم زاد أهل الشام بعد زيادة العشرات عشرة أخرى، ولم يقل في شيء سُئله لا.
انتهى اَلنقل من تاريخ القاضي جمال الدين بن واصل، وابتدأت من هنا من تاريخ ابن الأثير الكامل، وفي هذه السنة أعني سنة خمس وعشرين ومائة، توفي القاسم بن أبي برة، وهو من المشهورين بالقراءة.
ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائة، فيها سلم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، خالد بن عبد الله القسري. إِلى يوسف بن عمر، عامله على العراق، فعذبه وقتله.
قتل الوليد بن يزيد
[بن عبد الملك]
في هذه السنة، قتل الوليد، قتله يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الذي يقال له يزيد الناقص، وكان مقتله في جمادى الآخرة، سنه ست وعشرين ومائة، بسبب كثرة مجونه ولهوه وشربه الخمر، ومنادمة الفساق، فثقل ذلك على الرعية والجند، وأذى بني عميه هشام والوليد، فرمره بالكفر، وغشيان أمهات أولاد أبيه، ودعا يزيد إلى نفسه، واجتمعت عليه اليمانية، ونهاه أخوه العباس بن الوليد بن عبد الملك عن ذلك، وتهدده، فأخفى يزيد الأمر عن أخيه، وكان يزيد مقيماً بالبادية، لوخم دمشق، فلما، اجتمع له أمره، قصد دمشق متخفياً في سبعة نفر، وكان بينه وبينها مسيرة أربعة أيام، ونزل بجيرود على مرحلة من دمشق، ثم دخل دمشق ليلاً، وقد بايع له أكثر أهلها، وكان عامل الوليد على دمشق، عبد الملك بن محمد بن الحجاج، وجاء الوباء بدمشق فخرج منها، ونزل قرية قطنا، وظهر يزيد في دمشق، واجتمعت عليه الجند وغيرهم، وأرسل إِلى قطنا مائتي فارس، فأخذوا عبد الملك المذكور، عامل الوليد على دمشق بالأمان، ثم جهز يزيد جيشاً إِلى الوليد بن زيد بن عبد الملك، ومقدمهم عبد العزيز بن