خيل البريد عند العصر من نهار الخميس المذكور، وشعار السلطنة صحبتي على فرس يد، وسرت حتى قاربت حماة، وخرج من بها من الأمراء والقضاة، وتلقوني، وركبت بالشعار المذكور، ودخلت حماة ضحوة نهار السبت، السادس والعشرين المحرم من هذه السنة الموافق لثامن آذار بعد أن قرئ تقليد السلطنة بنقيرين في خام كان قد نصب هناك، ولولا مخافة التطويل كنا ذكرنا نسخته.
[ذكر الإغارة على سيسر وبلادها]
في هذه السنة تقدمت مراسيم السلطان بإغارة العساكر على بلاد سيس، ورسم لمن عينه من العساكر الإسلامية الشامية، فسار من دمشق تقدير ألفي فارس وسار الأمير شهاب الدين قرطاي بعساكر الساحل، وجردت من حماة أمراء الطبلخانات الذين بها، وسارت العساكر المذكورة من حماة في العشر الأول من ربيع الأول من هذه السنة، ووصلوا إلى حلب، ثم خرجت عساكر حلب صحبة المقر العلاى الطنبغا، نائب السلطنة بحلب، وسارت العساكر المذكورة عن آخرهم، ونزلوا بعمق حارم، وأقاموا به مدة، ثم رحلوا ودخلوا إلى بلاد سيس في منتصف ربيع الآخر من هذه السنة، الموافق للرابع والعشرين، من أيار، وساروا حتى وصلوا إلى نهر جيحان، وكان زائداً، فاقتحموه ودخلوا فيه؛ فغرق من العساكر جماعة كثيرة، وكان غالب من غرق من التراكمين الذين من عسكر الساحل، وبعد أن قطعوا جيحان المذكور، ساروا ونازلوا قلعة سيس، وزحفت العساكر عليها حتى بلغوا السور، وغنموا منها وأتلفوا البلاد والزراعات وساقوا المواشي، وكانت شيئاً كثيراً، وأقاموا ينهبون ويخربون، ثم عادوا وقطعوا جيحان وكان قد انحط فلم ينضر أحد به، ووصلوا إلى بغراس في نهار السبت التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر المذكور، ثم ساروا إلى حلب وأقاموا بها مدة يسيرة، حتى وصل إليهم الدستور فسار كل عسكر إلى بلده.
وفي هذه السنة في أثناء ربيع الأول وصلت الجهة في البحر إلى الديار المصرية، وكان في خدمتها ما يقارب ثلاثة آلاف نفر من رجال ونساء، واحتفل بهم إلى غاية ما يكون، وأدرت عليهم الإنعامات والصلات.
ذكر قطع أخبار آل عيسى
وطردهم عن الشام
في هذه السنة تقدمت مراسم السلطان بقطع أخبار المذكورين؛ وطردهم بسبب سوء صنيعهم، فقطعت أخبارهم، ورحلوا عن بلاد سلمية في يوم الاثنين ثاني جمادى الأولى من هذه السنة، الموافق لعاشر حزيران، وساروا إلى جهات عانة والحديثة على شاطئ الفرات.
وفيها عند رحيل المذكورين، وصل الأمير سيف الدين قجليس، وسار بجمع عظيم من العساكر الشامية والعرب في إثر المذكورين، حتى وصل إلى الرحبة،