وفي هذه السنة أرسل الملك الأشرف مملوكه عز الدين أيبك الأشرفي، وهو أكبر أمير عنده إلى خلاط، فقبض على الحاجب علي الموصلي وحبسه، ثم قتله، وكان حسام الدين علي الحاجب المذكور، من أهل الموصل، وخدم الملك الأشرف، فجعله نائبه بخلاط، فأحسن إلى الرعية وحفظ البلد، واستولى على عدة بلاد من أذربيجان، مثل نقجوان وغيرها، على ما تقدم ذكره، فقبض عليه الملك الأشرف وقتله، قيل أن ذلك لذنب منه، لم يطلع عليه الناس، وأطلع عليه الملك الكامل والملك الأشرف، وهذا الحاجب حسام الدين المذكور، كان كثير الخير والمعروف، بنى الخان الذي بين حران ونصيبين وبنى الخان الذي بين حمص ودمشق وهو الخان المعروف بخان بريح العطش، وهرب مملوك لحسام الدين الحاجب المذكور، لما قتل أستاذه، ولحق بجلال الدين، فلما ملك جلال الدين خلاط على ما سنذكره، قبض على أيبك المذكور وسلمه إلى المذكور فقتله وأخذ بثأر أستاذه.
الاستيلاء على حماة
ذكر استيلاء الملك المظفر محمود ابن الملك المنصور محمد على حماة:
ولما سلم الملك الكامل دمشق إلى أخيه الملك الأشرف، سار من دمشق، ونزل على مجمع المروج، ثم نزل سلمية، وأرسل عسكراً نازلوا حماة وبها صاحبها الملك الناصر قليج أرسلان، وكان فيه جبن، ولو عصى بحماة وطلب عنها عوضاً كثيراً لأجابه الملك الكامل إليه، ولكنه خاف، وكان في العسكر الذين نازلوه شيركوه صاحب حمص، فأرسل الناصر صاحب حماة يقول لشيركوه، إني أريد أن أخرج إليك بالليل لتحضرني عند السلطان الملك الكامل، وخرج الملك الناصر قليج أرسلان ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب المذكور إلى شيركوه، في العشر الأخير من رمضان هذه السنة، وأخذه شيركوه ومضى به إلى الملك الكامل وهو نازل على سلمية، فحين رأى الملك الكامل قليج أرسلان المذكور شتمه وأمر باعتقاله، وأن يتقدم إلى نوابه بحماة بتسليمها إلى الملك الكامل، فأرسل الناصر قليج أرسلان علامته إلى نوابه بحماة أن يسلموها إلى عسكر السلطان الملك الكامل، فامتنع من ذلك الطواشيان بشر ومرشد المنصوريان، وكان بقلعة حماة أخ للملك الناصر يلقب الملك المعز ابن الملك المنصور صاحب حماة، فملكوه حماة وقالوا للملك الكامل: لا نسلم حماة لغير أحد من أولاد تقي الدين، فأرسل الملك الكامل يقول للملك المظفر محمود ابن الملك المنصور صاحب حماة، اتفق مع غلمان أيبك وتسلم حماة، وكان الملك المظفر نازلاً على حماة من جملة العسكر الكاملي، فراسل الملك المظفر الحكام حماة، فحلفوا له وواعدوا الملك المظفر أن يحضر بجماعته خاصة وقت السحر إلى باب النصر ليفتحوه له، فحضر الملك المظفر سحر الليلة التي عينوها، ففتحوا له باب النصر،